الجريدة – فؤاد السعدي
لا يختلف اثنان أن الزج بالفاعل السياسي في الفعل الإداري هو إقحام مجحف وانتقام فج لأطر من أبناء هذا الوطن خصوصا الذين يشتغلون وفق معايير الجودة الكاملة والإتقان على الرغم من غياب شروط العمل الملائمة، وأن استناد الإعفاء إلى عبارات منمقة وفضفاضة ومطاطة أكبر دليل على أن انضباط الجهات المسؤولة للوائح والقرارات أكبر من اعتمادها على النتائج والمردودية، خصوصا عندما لا يثبت عن أي أحد من هذه الأطر المعفاة استغلالها لمناصبها أو مراكزها، وأن كل همها منذ تسلمها المسؤولية كان هو الخدمة والإنجاز والعطاء والوفاء، بعيدا عن الشعارات التي أصبحت اليوم للأسف من علامات التميز والارتقاء.
مناسبة هذا الكلام الزلازل الذي أتى على أحد أعمدة الإعلام بجهة طنجة تطوان الحسيمة والذي بسقوطه قد يسقط البيت كله ليس لعدم وجود من يعوضه أو يشغل مكانه، بل لصعوبة مهمة من سيخلفه، لأنه حتى وإن استطاع شغر المنصب الفارغ، فلن يستطيع ملئ الفراغ الذي سيتركه سلفه في قلوب العاملين في قطاع، لأن الرجل رغم كفاءاته المهنية فقد استطاع بأخلاقه العالية أن يترك بصمته في القلوب، بدليل أن يوم إعلان تركه منصب المدير الجهوي للاتصال هو اليوم الذي شعر فيه صحفيو الشمال بفقدان شيء منهم.
إنه الدكتور إبراهيم الشعبي المشهود له بدفاعه المستميت عن كرامة نساء ورجال مهنة المتاعب، وغيرته على المهنة ونضاله من أجل تنقيتها من الدخلاء، وحمله مسؤولية العمل وأمانة الكلمة في سبيل تطوير واقع الصحافة الجهوية بشكل دائم، والرفع من مستوى أداءها شكلا ومضمونا لتكون قادرة باستمرار على القيام بدورها المنشود كصحافة واعية مسؤولة حرة تحكمها القيم والمعايير المهنية والأخلاقية ويؤطرها الإحساس العميق بالمسؤولية الوطنية.
فبذهاب إبراهيم الشعبي عن المديرية الجهوية للاتصال بجهة طنجة تطوان الحسيمة يعني نهاية ذلك الصرح الذي ساهم في بنائه بمعية ثلة من رجال الصحافة والإعلام بالشمال، وبداية الإعلان عن بناء صرح جديد في المكان الذي سيحل به. وحتى وإن غادرنا فستبقى سيرته الطيبة بيننا. وشكرا على ما قدمت لهذه الجهة.