خلال أيام قليلة تنتهي المهلة المتاحة لتوثيق الزيجات التي تمت بدون عقود، والتي تسمى بـ”زيجات الفاتحة” في المغرب، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة ستعمد إلى تمديد تلك المهلة، التي وصلت حتى الآن إلى 15 سنة، بعد تمديدها في مناسبتين سابقتين، أم ستضع حدا لتلك المسطرة.
وفي الوقت الذي يرى البعض ضرورة التمديد، بل وحذف التقييد الزمني لتلك المسطرة لإتاحة الفرصة لتوثيق الزيجات بالنسبة لمن لم يتمكنوا من ذلك، وحتى لا يقع ضرر على الأطفال الذين يولدون في إطار زيجات غير موثقة، تذهب آراء أخرى في اتجاه رفض التمديد ورفض مسطرة ثبوت الزوجية من الأساس، مؤكدين أن هناك من يستغلها للتحايل على مسطرتي التعدد وتزويج القاصرات.
في المادة 16 من مدونة الأسرة الصادرة عام 2004، تم تحديد “فترة انتقالية” لتوثيق الزيجات لم تكن تتجاوز بداية خمس سنوات، قبل أن يتم تمديدها مرتين لتصل تلك الفترة، حتى الآن، إلى 15 سنة، ستنتهي خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير.
المحامية والحقوقية والنائبة البرلمانية السابقة، عائشة لخماس، تؤكد معارضتها للتمديد، وتشير ضمن تصريحها إلى تصويتها رفقة آخرين ضده حين كانت عضوة في البرلمان المغربي.
“وصلنا الآن إلى 15 سنة ولم تنته عملية توثيق عقود الزواج بعد”، تقول لخماس، موضحة أن “المهلة التي أُعطيت في البداية سنة 2004 كانت بغرض توثيق الزيجات القائمة وليس الزيجات الجديدة”، إذ تشير إلى أن هناك من تزوجوا بعد صدور المدونة ولجؤوا إلى تلك المادة رغم “غياب ظروف تبرر عدم التوثيق منذ البداية”.
وتتابع لخماس موضحة في هذا الإطار أن هناك من “يستغلون” المادة 16 وذلك لـ”التحايل على القانون”، و”الهروب” من المسطرتين المتعلقتين بتعدد الزوجات وتزويج القاصرات.
المحامية والناشطة الحقوقية، خديجة الروكاني، بدورها تؤكد على الموقف الرافض للتمديد بل ولمسطرة ثبوت الزوجية من الأساس، لأنها “تُستغل للتحايل على مساطر أخرى في مدونة الأسرة من ضمنها مسطرة تعدد الزوجات ومسطرة تزويج الطفلات” وفق تعبيرها.
“في الوقت الذي تطالب الحركة النسائية الديمقراطية بمنع تعدد الزوجات ومنع وتجريم تزويج الطفلات نجد أن أصحاب القرار السياسي لا يدافعون عن تعدد الزوجات وتزويج الطفلات فحسب بل إنهم يدافعون أيضا من أجل ترك مخرج لخرق القانون” تقول الروكاني.
وتتابع المتحدثة تصريحها موضحة أن “من يستفيد فعليا من تلك المسطرة ليس الأشخاص في المناطق النائية” ممن لم تسمح لهم الظروف بتوثيق زيجاتهم، بل إن من يستفيد منها أو بالأحرى “يستغلها” وفق تعبيرها، “هم من يعيشون في المدن والذين لا يتوفرون على أي مبرر لعدم توثيق الزواج”.
في المقابل، وكحل بديل في حال غياب تلك المسطرة، ترى الروكاني إمكانية لجوء من لم يوثقوا زيجاتهم إلى عقد زواج بتاريخ حاضر وسلك مسطرة ثبوت النسب في حال وجود أطفال.
المحامي والحقوقي، عبد المالك زعزاع، بدوره يؤكد معارضته لما تضمنته المادة 16 من مدونة الأسرة بشأن ثبوت الزوجية، غير أنه وخلافا للآراء السالفة، فإنه لا يعارض مسطرة ثبوت الزوجية في حد ذاتها ولكنه يعارض تحديد تلك المادة لأجل معين مرتبط بتلك المسطرة.
“يجب أن يبقى الأجل مفتوحا لأن هذا التقييد لا معنى له في ظل وجود صعوبة في الولوج إلى العدالة في المناطق النائية وحتى في بعض هوامش المدن الكبرى”، يقول زعزاع الذي يرى أن “التقييد لا ينسجم مع وضعية كثير من الزيجات في المغرب”.
ويتابع المتحدث تصريحه موضحا أن “الضحايا الأوائل لعدم توثيق الزواج هم الأطفال”، مشيرا في السياق إلى وجود “نظرية دولية في مجال حقوق الطفل تقوم على ضرورة مراعاة أي عمل قضائي أو أي نص قانوني للمصلحة الفضلى للأطفال”.
وفي الوقت الذي تحذر الآراء الرافضة للمادة 16 من استغلالها للقفز على شروط التعدد أو لتزويج القاصرات، فإن زعزاع من جانبه يرى أن “هذا مبرر غير مطابق للواقع”، إذ يؤكد أن في إمكان القضاة عند دراستهم للملفات أن يتبينوا تلك الأمور وبالتالي التصدي لها.