[author title=”د.الحاج ساسيوي” image=”https://www.aljarida.ma/wp-content/uploads/2018/06/ساسيوي-3.jpg”]أستاذ باحث وعضو المنتدى الأروبي للوسطية ببروكسيل[/author]
أصدر مركز “بروكنجز” دراسة موسومة ب”خبراء مركز بروكنجز يستعرضون تداعيات فيروس كورونا على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” بتاريخ 26 مارس 2020، شارك فيها العديد من باحثيه.
ومن نافلة القول أن وباء “كوفيد 19” ظهر بمدينة ووهان الصينية أواخر السنة الماضية، إلا أنه سرعان ما أخذ في الإنتشار في كل دول العالم بدرجات متفاوتة، فبرزت بؤر جديدة له، بأروبا (إسبانيا وفرنسا)، وكذا بآسيا (إيران)؛ والولايات المتحدة الأمريكية. وامتدت عدواه إلى دول كثيرة من ضمنها دول شمال إفريقيا. ونتيجة لذلك تم تسجيل ملايين الإصابات وآلاف الموتى.
لقد تزامن تفشي هذا الوباء مع الإنهيار الكبير لأسعار النفط، مما سيؤدي إلى تباطؤ العائدات المالية لدى الدول المصدرة له، مما سيزيد من متاعب هذه الدول حين اتخاذها لإجراءات التخفيف من عواقب الوباء. وبالتالي فإنها ستكون مضطرة للإقتراض الداخلي، الذي لن يكون بوسعه تلبية طلبها، وستلجأ في الأخير لنظيره الخارجي، والذي تكون تكلفته مرتفعة وذات عواقب مستقبلية خطيرة.
ونتيجة اتخاذ الإجراءات الرامية إلى الحد من تفشي الجائحة، من قبيل “الحجر الصحي”،وما يترتب عنه من تعطيل للمؤسسات المشغلة،فإن الطبقتين العاملة والفقيرة ستضرر بشكل كبير،كما أن الحكومات تكون ملزمة بتأمين قنوات الغذاء، وتوفير الدعم للفئات الهشة؛وستزداد الوضعية تأزما كلما استمر تطبيق هذه الإجراءات.
وسيزداد الضغط على المنظومة الصحية المنهكة في الأصل، وستضعف شرعية العديد من النخب الحاكمة، ويكون تأثير الجائحة قويا، خصوصا بالدول التي تتميز بأوضاع غير مستقرة كلبنان وسوريا والعراق، دون إغفال مخيمات اللجوء. أما في إيران فسيتأثر الإستهلاك المحلي وكذا التجارة الإقليمية، خصوصا وأنهما يشكلان الركيزتين الأساسيتين لإقتصاد محاصر دوليا. وستتعقد أوضاع الفلسطينيين سواء بالضفة أوالقطاع نتيجة الحصار؛ وسيعاني “الكيان الصهيوني” كذلك، إذ أن القطاع الصحي به، هو القطاع الوحيد المهمل لديه، مما سيجعله غير مؤهل لمواجهة الوباء؛ الشيء الذي سيدفع به نحو المزيد من الإنزلاقات المناهضة للديموقراطية.
وفي المغرب وتونس،ونتيجة الإجراءات المتخذة، من إغلاق للحدود البرية والبحرية والجوية،سيتألم اقتصادهما نتيجة الضرر الكبير الذي سيلحق القطاع السياحي؛أما ليبيا والجزائر فانهيار أسعار النفط سيؤثر عليهما،بالإضافة إلى عوامل أخرى.وسيتأثر القطاع التجاري لهذه الدول(المغارب) مجتمعة مع كل من الصين وأروبا. وبالمحصلة،قد يعود الحراك الإجتماعي المعلق بالجزائر بقوة أكبر.
وسيزيد هذا الفيروس من متاعب الإقتصاد التركي، فالإجراءات المتخذة ستؤدي إلى عجز كبير في الموازنة، وسيضعف النظام المالي، وسينخفض مستوى احتياط المصرف المركزي من العملة الأجنبية.
ونتيجة الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج لمواجهة الوباء؛ فإن اقتصادها سيعرف ركودا متزايدا، خصوصا وأنها تزامنت وانهيار أسعار النفط؛ولعل شركات الطيران هي التي ستتضرر بشكل كبير بأنواعها الثلاث ( طيران الإمارات، والإتحاد للطيران، والخطوط الجوية القطرية)؛ وستواجه هذه الدول الكثير من المعضلات الإجتماعية، وفي مقدمتها معضلة العمال الأجانب غير المؤَمَنين؛ ويمكن للخلاف الواقع بين هذه الدول أن يزيد من منسوب ضرر هذا الوباء.
وأخيرا، يخلص خبراء مركز “بروكنجز” ألا مفر للعالم اليوم من اتخاذ إجراء سريع وحازم، كي يتسنى التغلب وتفادي، أو على الأقل التخفيف من عواقب هذه الجائحة (الإجتماعية والإقتصادية،…)، والذي يكمن في تطبيق استراتيجية احتواء فورية وشاملة.