متابعة – الجريدة
لم تعد ثقافة إحتلال الملك العمومي بطنجة من خلال إحتلال الأرصفة المخصصة لممر للراجلين تقتصر على أصحاب المقاهي والمحلات التجارية فقط، فقد انتقلت ربما بفعل العدوى إلى المسؤولين الموكولة لهم تسيير شؤون المواطنين والسهر على تطبيق القوانين.
الصور المرافقة للمقال تم إلتقاطها بشارع يوسف بن تاشفين، أمام بناية المديرية الإقليمية للجمارك بطنجة، مما يعكس مدى إستهتار المدير الاقليمي لهذا المرفق بحقوق الراجلين عبر سلبهم حقّ من حقوقهم، حيث لم يكتفي هذا المسؤول بخرق مضامين مقتضيات القانون 55.19 من القرار المشترك بين وزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية رقم 2332.20 والتي تخص علاقة الإدارة بالمرتفق، عبر إهانة المرتفقين وإخضاعهم للتحقيق عند ولوجهم لهذه الإدارة، بل امتد الى خرق قانون احتلال الملك العمومي، ضاربا بعرض الحائط مجموعة من التوصيات التي تنصّ على تقيّد المسؤولين بروح القانون والعمل على تحديث الإدارة العمومية التي نالت النصيب الأكبر من الإصلاحات المتواترة، وأصبح الارتقاء بأدائها مطلبا استعجاليا تقتضيه مستجدات السياق الراهن وتفرضه تحديات المرحلة المقبلة لإرساء النموذج التنموي المنشود من أجل تنمية شاملة، وتنزيل ما جاء في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح إحدى الدورات التشريعية، حيث أكد على “أن المرحلة السابقة كانت مرحلة وضع القوانين والمؤسسات لكن المرحلة المقبلة أكثر أهمية من سابقتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد على القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين والدفع قدما بعمل الإدارة العمومية وتحسين الخدمات التي تقدمها..، فالهدف الذي تسعى إليه كل مؤسسة هو خدمة المواطن، وبدون قيامها بهذه المهمة فإنها تبقى عديمة الجدوى..، فالغاية منها واحدة، و هي تمكين المواطن من قضاء مصالحه في أحسن الظروف والآجال، وتبسيط المساطر، وتقريب المرافق والخدمات الأساسية منه..”.
ولعل أهم مداخل إصلاح الإدارة العمومية وتحسين أدائها بغية تجويد خدماتها العمومية يأتي من خلال إصلاح شمولي عبر تطوير وسائل عملها القانونية والمادية والبشرية، بما فيها تشبيب الأطر وترشيد أمثل للموارد البشرية والأهم من ذلك هو تحسين علاقتها بالمرتفقين وتجديد ثقته بها، لتصبح رافعة للتنمية الشاملة وأداة لمواجهة التحديات المستقبلية.
فرغم المجهودات التي تقوم بها فئة من المسؤولين داخل هذه الإدارة من خلال استحضار جانب الإنسانية وحسن التواصل والاصغاء للمواطن والإجابة عن تساؤلاتهم، كما هو حال قابض الجمارك والآمر بالصرف بنفس المديرية، غير أنها تبقى محتشمة أمام غطرسة هذا المسؤول، وبالتالي وجب لزاما وأكثر من أي وقت مضى الدفع بأطر شابة ومتمرّسة في مراكز المسؤولية قادرة على المشاركة الفعالة في تجويد الخدمات، وتوطيد المقاربة التواصلية وتعزيز الانفتاح المرفقي لإدارة الجمارك.