الجريدة | هاجر العنبارو
افتتحت “مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي”، بالتعاون مع المديرية الجهوية لقطاعي الشباب والثقافة طنجة-تطوان-الحسيمة، موسمها الثقافي لعام 2024-2025 بمعرض تشكيلي متميز للفنان المغربي مراد بنكيران تحت عنوان “أصبت بالفيروس، اذ استقطب المعرض، الذي أقيم مساء الجمعة 18 أكتوبر 2024 في مركز التقاء الشباب للتبادل السوسيوثقافي بحي القصبة، استقطب اهتماماً واسعاً لما حمله من رؤية فنية تجسد مرحلة مفصلية في تاريخ المغرب والعالم خلال جائحة كوفيد-19.
وجاءت فكرة المعرض لتؤرخ فنياً لفترة الإغلاق الشامل الذي شهدته معظم بلدان العالم بسبب تفشي فيروس كورونا، هذه الفترة التي أوقفت عجلة الحياة بكل تفاصيلها، كانت منبع إلهام للفنان مراد بنكيران، الذي استطاع تحويل تجربة الألم والعزلة إلى لوحات تشكل نافذة على مشاعر المجتمع المغربي خلال هذه الأزمة. افتتح رئيس المؤسسة، عبد الواحد بولعيش، الحدث بكلمة تحدث فيها عن دور المراكز الثقافية في تعزيز الهوية الثقافية لمدينة طنجة، مثنياً على ما حققته المملكة المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله من إنجازات في التصدي للجائحة.
واستعرض بنكيران، عبر لوحاته، تجارب إنسانية مؤثرة خلال فترة الجائحة، مسلطاً الضوء على التغيرات النفسية والاجتماعية التي عاشتها المدينة والمغرب، حيث تجسدت هذه التغيرات في معاناة الأفراد، تضامن المجتمع، وتحول الفضاءات العامة إلى أماكن شبه مهجورة. وبعيداً عن الكآبة، أظهرت اللوحات قدرة المجتمع على استغلال الأوقات الصعبة في إحياء القيم العائلية والفنية، وفي تحويل المحنة إلى منحة.
المعرض لم يكن فقط فرصة للاحتفاء بالإبداع الفني، بل كان أيضاً مناسبة للتأمل في كيفية تكيف المجتمع مع واقع جديد فرضته الجائحة، وتجلى هذا من خلال تفاعل الزوار مع اللوحات التي جمعت بين الألم والتفاؤل، بين ذكرى الفقد وقوة الصمود، وكانت كلمات الفنان بنكيران والكاتب المغربي أنور مجيد، الذي حضر المعرض وأشاد بمسيرة الفنان، موضع تقدير كبير، حيث أكد مجيد أن بنكيران يمثل مثالاً للالتزام الفني والإنساني.
واختتم الحدث بتدشين المعرض وقص الشريط الأحمر بحضور مجموعة من الشخصيات الفنية والأكاديمية، مما أضفى على المناسبة طابعاً احتفالياً وسط أجواء من التفاعل الحار مع الأعمال الفنية المعروضة. واستمر الحديث عن المعرض في وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي رأت فيه تجسيداً حياً لروح التضامن والإبداع في مواجهة الأزمات.
معرض “أصبت بالفيروس” لم يكن مجرد عرض فني تقليدي، بل جاء كتأكيد على قوة الإنسان وقدرته على التأقلم والإبداع حتى في أصعب الظروف، مما يعكس عمق التجربة المغربية خلال جائحة كورونا. هكذا، افتتحت “مؤسسة طنجة الكبرى” موسمها الثقافي بمعرض استثنائي يرسخ الفن كمرآة تعكس تضحيات المجتمع وانتصاراته، ويعيد التأكيد على أهمية الفنون في توثيق اللحظات الفارقة في تاريخ الإنسانية.