الجريدة | هاجر العنبارو
على مدى العقود الماضية، كانت قضية الصحراء المغربية محورًا رئيسيًا في العلاقات بين المغرب والجزائر، لكن في الآونة الأخيرة، برز تصعيد ملحوظ في هذا الملف، حيث لا تزال الجزائر تدعم جبهة “البوليساريو” ضمن جهودها لإبقاء النزاع قائمًا، رغم ما يراه المغرب من تقدم دبلوماسي على مستوى تعزيز سيادته على المنطقة.
الهجوم على المحبس: حادثة في سياق التوترات المتصاعدة
في تطور حديث، شهدت منطقة المحبس في الصحراء المغربية هجومًا منسوبًا لمليشيات “البوليساريو” أثناء فعاليات احتفالية بذكرى المسيرة الخضراء، ما أضاف إلى أجواء التوتر المتزايدة بين الجانبين. تأتي هذه الحادثة في وقت يحقق فيه المغرب مكاسب دبلوماسية، بما في ذلك تأييد من بعض الدول الكبرى.
ويرى الخبراء العسكريون والدبلوماسيون أن هذا التصعيد قد يعكس محاولات من “البوليساريو” وداعميها للتأثير على استقرار المنطقة. ورغم ذلك، يعبر المغرب عن التزامه بالحلول السلمية بما يعزز سيادته على الأقاليم الجنوبية، دون الخروج عن الإطار القانوني والدبلوماسي المتبع.
في تصريحات لإدريس لكريني، الخبير في العلاقات الدولية، قال إن ما وقع في المحبس يمكن اعتباره “محاولة للتشويش” من قبل جهات لا تزال تناهض موقف المغرب، مضيفًا أن هذه الهجمات تأتي وسط تأييد دولي متنامٍ للمغرب في قضيته. ويشير لكريني إلى أن هذا التصعيد قد يكون استجابة لحالة من عدم الرضا لدى جبهة “البوليساريو” إزاء التطورات الأخيرة في المواقف الدولية.
من جانبه، يعتقد أحمد نور الدين، خبير العلاقات الدولية، أن هذا التصعيد العسكري هو امتداد لتوترات مزمنة في المنطقة، معتبراً أن بعض الأطراف تحاول زيادة الضغط على المغرب إقليميًا ودوليًا، وذلك من خلال قنوات دبلوماسية وإعلامية. ويلاحظ نور الدين أن الجزائر خصصت ميزانية دفاعية كبيرة في العامين الأخيرين، مما يعكس ما يراه البعض كاستراتيجية استباقية في ظل التوترات الإقليمية.
الجزائر في مواجهة تحديات دبلوماسية
يتضح من خلال التطورات الأخيرة في قضية الصحراء أن الجزائر تواجه صعوبات في كسب دعم دولي واسع لجبهة “البوليساريو”، خاصة في ظل اعترافات جديدة بمغربية الصحراء من دول ذات وزن سياسي كبير؛ هذا المشهد يضع الجزائر أمام تحديات جديدة، حيث تشير بعض التحليلات إلى أن أي محاولات تصعيدية قد تأتي ضمن سياق استجابة لضغوط دولية متزايدة.
التصعيد العسكري وتداعياته الإقليمية
يبدو أن التوتر العسكري بين المغرب و”البوليساريو” المدعومة من الجزائر يحمل تحديات أمام استقرار المنطقة، إذ تشهد أحيانًا مواجهات عسكرية متفرقة على طول الجدار الأمني، ورغم تصاعد هذه الحوادث، يؤكد المغرب التزامه بوقف إطلاق النار ويدعو إلى احترام المساعي الدولية للحل السلمي.
الاقتصاد الجزائري: تحديات داخلية وأولويات دفاعية
يرى بعض المراقبين أن الاقتصاد الجزائري يواجه تحديات هيكلية، حيث تعتمد الجزائر بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز، مما يعرضها لتقلبات السوق العالمية، في هذا الإطار، وضمن استراتيجية الدفاع الوطني، تواصل الجزائر تخصيص ميزانيات مهمة لدعم قدراتها العسكرية، فيما يشكل ذلك عبئًا إضافيًا في ظل الظروف الاقتصادية المحلية.
تحركات دبلوماسية واستعدادات دفاعية
على الجانب الآخر، يواصل المغرب التوجه نحو تعزيز موقفه الدبلوماسي من خلال بناء تحالفات جديدة، خاصة مع دول مؤثرة، اذ يبدو أن المغرب يلتزم بتعزيز قواته المسلحة لمواكبة التطورات الإقليمية، مع حرصه على إبقاء الأبواب مفتوحة أمام حل سياسي عبر المفاوضات، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة.
وتظل التوترات بين المغرب والجزائر مرتبطة بشكل رئيسي بقضية الصحراء، ورغم تصاعد الحوادث العسكرية أحيانًا، يبقى التوجه السائد لدى المجتمع الدولي داعمًا للحلول السلمية. وبينما يسعى المغرب إلى تعزيز سيادته، تواجه الجزائر تحديات اقتصادية وضغوطًا دبلوماسية، ما يجعل تحقيق الاستقرار الإقليمي مرتبطًا بالالتزام بالحلول التفاوضية.