الجريدة / عصام الطالبي
كثيرة هي قضايا النصب والاحتيال على المغاربة المقيمين بالخارج المتداولة بمحاكم المملكة، غير أن قضية الساعة والتي توصل بملفها كاملا موقع الجريدة مختلفة إلى حد كبير، على اعتبار اسم الشخصية الموضوعة في قفص الاتهام تحظى بمكانة اجتماعية مهمة، وتتوفر على نفوذ، في حين الضحية هي سيدة لا حول ولا قوة لها مقيمة بإنجلترا أفنت زهرة عمرها بأرض الغربة كدا علَّها تحقق أمنيتها في الحصول على مسكن لائق بأرض الوطن سيعوضها عن سنوات الجهد والمشقة، وليتبخر حلمها ويصبح كابوسا عندما أسقطها سوء حظها في شراك عملية نصب واحتيال ماكرة دُبرت بإحكام واضطرتها إلى طرق باب القضاء الذي حكم لصالحها، لكن مع وقف التنفيذ. وهنا لغز القصة المحير.
مكان الواقعة مدينة طنجة، والمتهم بالنصب والاحتيال وإصدار كمبيالة بدون مؤونة هو المسمى (طارق. و) وهو منعش عقاري، والممثل القانوني لشركة “دوام ريـال ستيت”، في حين الضحية سيدة مغربية مقيمة ببريطانيا، تدعى إلهام الدراوي. أما موضوع النصب والاحتيال فهي فيلا واقعة بمدشر نوينوش بطنجة ذات الرسم العقاري عدد 61/49098 المسمى طارق 20 .
القصة بدأت عندما قررت السيدة إلهام اقتناء عقار بمدينة طنجة، لتلجأ إلى الشركة المعنية من أجل مباشرة عملية البيع، تقول السيدة المدعية في شكايتها المرفوعة إلى وكيل الملك بابتدائية طنجة والمؤرجة بتاريخ 21/02/2017، أنها أدت للمدعى عليه ثمن العقار والبالغ 275 مليون سنتيم على دفعات ابتداء من 2007 إلى غاية 2016، ومنذ ذلك الوقت وهو يتماطل في تسليمي العقار المذكور بعد أن اتفقت معه على أن يكون جائزا للسكن مستغلا بذلك إقامتي بإنجلترا تضيف المدعية. وأنها كلما اتصلت به إلا ويدعي أنه بصدد الإصلاح وإنه في طور إنهاء اللمسات الأخيرة لتكتشف في الأخير بعد تسلميها للعقار أن كل ما كان يدعيه طارق ما هو إلا كذب وتضليل، وأن العقار يصلح لكل شيء إلا السكن. وهو ما أكده تقرير الخبرة المنجزة بأمر من المحكمة الابتدائية بطنجة، الذي صبّ في كون صاحب المشروع أخلَّ ببعض بنود العقد، المتضمن تسليم الفيلا جاهزة. وأن قيمة التجهيزات التى كان من المفروض على طارق القيام طبقا لمعايير الجودة المتفق عليها بين المتضررة تبلغ 52 مليون سنتيم. لتحكم المحكمة بناء على قرار الخبرة المدعى عليه تسديد المبلغ للمدعية، لإخلاله بالاتفاق. وأمام هذا المأزق الذي وجد طارق نفسه فيه ما كان عليه سوى أداء كمبيالة بقيمة 37 مليون سنتيم للسيدة إلهام التي اكتشفت مرة أخرى أن الكمبيالة دون مؤونة وأن غرض طارق من أدائها هو ربح المزيد من الوقت للتملص والمماطلة، وأن ما قام به طارق ما هو إلا طريقة جديدة من أجل المراوغة والمماطلة مستغلا بذلك علاقاته ونفوذه بالمدينة وأن لا أحد يجرئ على محاسبته.
وأمام انسداد كل الطرق الودية أمام إلهام لتحصيل قيمة الكمبيالة، إضطرت مرة أخرى إلى طرق باب القضاء مطالبة بحقها، وأنها كانت ضحية عملية نصب واحتيال محبوكة، فلا هي حصلت على مسكن لائق، ولا هي تسلمت مالها لاستكمال الأشغال بالمسكن الموقوف. وعلى إثر ذلك قامت رفع شكاية الأداء مرفوقة بشهادة عدم توفر الكمبيالة على مؤونة، وهو ما حدا بالمحكمة تبليغ المقاول عن طريق عون قضائي بِقرار الأمر بالأداء المبلغ وقدره 37 مليون وتحميل المدعى عليه طارق الصائر. وعندما تعذز التنفيذ أمرت النيابة العامة بإقفال الحدود في وجه المستثمر العقاري، كما أمرت الشرطة بضبطه وإحضاره منذ أواخر شهر فبراير الماضي، لكن شيئا من ذلك لم يتم، حيث إن الضحية وأفراد عائلتها سبق أن شاهدوا المشتكى به يتجول في شوارع طنجة، ويرتاد الأماكن العمومية، وحين تقوم بالاتصال بعناصر الأمن لا تتم الاستجابة على عجل الشيئ الذي اضطر الضحية إلى إخطار المسؤولين بولاية أمن طنجة بهذا التماطل.
في نفس السياق قررت المحكمة التجارية إجراء حجز تحفظي على العقار المملوك ذو الرسم العقاري عدد 61/49081 الكائن بطنجة لضمان أداء المبلغ المشار إليه أعلاه مستندة في ذلك على شهادة الملكية ونسخة من أمر بالأداء في الملف عدد 2017/8102/202 . الملفت للانتباه هو أن رخصة السكن التي تتوفر الجريدة على نسخة منها والتي تحمل عدد 2015/01 تم توقيعها من طرف رئيس مجلس جماعة البحراويين (ع. بنسليمان) بتاريخ 4 يونيو 2015 وبناء على محضر وشهادة المهندس المعماري المكلف بإدارة الأشغال بتاريخ 2015/06/03 أي يوم واحد بين عملية المعاينة والتوقيع، وليتأكد نفوذ طارق خصوصا عندما قامت الجريدة بمعاينة ورش الأشغال السنة الفارطة 2016 ويتأكد لها عدم انتهائه، فعلى ماذا استند رئيس جماعة البحراويين عندما وقع على رخصة السكن؟ ألا يلزم هذا الخرق سلطة الوصاية بالتدخل أو حتى قضاة المجلس الجهوي للحسابات؟
وللإشارة فهذا المقاول لم يسلم من شبكة نصبه عدد من المواطنين أخرهم شخص يدعى إبراهيم يدين له بمبلغ مالي مهم، وعلى إثر ذلك قام المتضررون برفع شكايات إلى وكيل الملك بالمدينة بتهمة النصب وقد صدرت في حقه مذكرة بحث على الصعيد الوطني وهو في حالة فرار إلى حدّ كتابة هاته السطور، والغريب في الأمر أن المقاول (طارق و) يتجول حرا طليقا رغم صدور في حقه مذكرة بحث وطنية ، في أماكن معروفة بطنجة، وبالمقاهي والمطاعم الفخمة بالمدينة، وينشط بشكل طبيعي بمكتب نادي رياضي لكرة القدم بطنجة ويرأس لجنة الطبية.. يتبع