قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الخميس، إن بريطانيا ربما تجد صعوبة في رفض طلب من الولايات المتحدة للمساعدة العسكرية في سوريا إذا قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخاذ إجراء ضد الرئيس السوري بشار الأسد بسبب استخدام أسلحة كيمياوية. واتهمت الولايات المتحدة الجيش السوري بشن هجوم في الرابع من أبريل/نيسان قتل خلاله عشرات جراء استخدام غاز سام. وردت واشنطن بهجوم صاروخي على قاعدة جوية في سوريا، وقالت إنها لن تتغاضى عن استخدام حكومة الأسد للأسلحة الكيمياوية.وأيدت بريطانيا الرد الأميركي على الهجوم الكيمياوي المزعوم لكنها لم تشارك فيه بصورة مباشرة.لكن جونسون لمح إلى أن حكومته ستدعم ترامب عسكريا إذا طلب منها ذلك في حال وقوع أي هجوم بالأسلحة الكيمياوية مستقبلا.وقال “إذا اختار الأميركيون التحرك مجددا وطلبوا منا المساعدة سيكون من الصعب جدا أن نقول لا”.
وأثار هجوم أبريل/نيسان في سوريا التوتر بين القوى الغربية وروسيا التي تدعم حكومة الأسد عسكريا.وتأتي تصريحات جونسون بينما تستعد الأمم المتحدة لإطلاق جولة مفاوضات سادسة في مدينة جنيف السويسرية في منتصف مايو/أيار. وتعقد الجولة السادسة من المفاوضات في ظل العديد من المتغيرات ومنها الهجوم الكيمياوي على بلدة خان شيخون والذي استدعى ادانة دولية واسعة وأيضا ردا عسكريا أميركيا على قاعدة جوية سورية. كما تأتي الجولة المقررة منتصف الشهر القادم وسط تنامي خلافات واشنطن وموسكو بشأن رحيل الأسد وتصاعد النبرة الأميركية تجاه إيران وممارساتها في المنطقة.وتعد هذه العوامل الأبرز في سياق التطورات الأخيرة بالملف السوري وقد تلقي بظلالها على مسار الحل السياسي بسوريا وما سينتجه مؤتمر جنيف 6.
وأجمعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتركيا وفرنسا من خلال تحقيقاتها على استخدام غاز السارين في هجوم الرباع من أبريل/نيسان على خان شيخون، إلا أن ذلك لم يثن كلا من إيران وروسيا عن الاستمرار في الدفاع عن النظام والادعاء بعدم مسؤوليته عن الهجوم. لكن رد واشنطن كان مختلفا من خلال استهداف مباشر ولأول مرة لمواقع للنظام، إذ قصفت في السابع من أبريل/نيسان مطار الشعيرات العسكري بمحافظة حمص وسط سوريا بصواريخ توماهوك. والتطوران السابقان تبعتهما تصريحات أميركية بضرورة رحيل الأسد في أي حل سياسي لتطفو الخلافات مجددا إلى السطح، وهو ما دفع بوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى زيارة موسكو في 13 من الشهر نفسه لتبديد الخلافات، دون أن يرشح شيء عن حصول اتفاق بين الطرفين.ومع انتظار تحديد رسمي لموعد جنيف 6 الذي تحدثت مصادر في المعارضة السورية أنه ربما يعقد منتصف الشهر المقبل، ينظر للعوامل السابقة على أنها ستؤثر على مسار الحل السياسي. وقال محمد الشمالي عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية إن “القصف الأميركي لمطار الشعيرات رسالة أولية تعبر عن الموقف إدارة ترامب من التطورات في سوريا، والذي يتعارض بشكل واضح مع الموقف الروسي الداعم للنظام”.وتحدث الشمالي عن “عوامل أخرى قد تطبع المراحل المقبلة من مسار الحل السياسي ومنها الخلاف الروسي الإيراني حول زيادة نفوذ الأخيرة على الأرض السورية وممارستها التغيير الديمغرافي الذي تسير به برضى النظام أو رغما عنه”.وأوضح أن “موقف واشنطن كان غائبا خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وبداية حكم ترامب”.
لكن “استمر الوضع كذلك لحين وقوع جريمة خان شيخون، إذ انجلى الموقف الأميركي من خلال توجيه الضربة العسكرية التي كانت رسالة واضحة للنظام وروسيا، بأن مثل هذه الأفعال لن يتم تمريرها بعد الآن دون عقاب”.وقال الشمالي “في ظل هذه الظروف لا أعتقد أن روسيا ستستمر بدعم نظام بشار الأسد فذلك سيكلفها باهظا، إذا ما أخذنا بالحسبان العقوبات الغربية المفروضة عليها وتوفر الضغط الأميركي اللازم سيجبر موسكو والنظام على الانخراط بمفاوضات جدية تفضي لحل انتقالي”. واعتبر الباحث التركي جاهد طوز أن “أميركا بقصفها لقاعدة الشعيرات أعلنت عودتها بالفعل للساحة السورية ليدخل مسار جنيف في مرحلة جديدة مع اختلاف ثقل الأطراف الفاعلة”.وأضاف أن “إيران ستذهب أيضا بضعف إلى المفاوضات، مثقلة باتهامات بدعم الإرهاب وذلك سينعكس ضعفا على النظام الذي تلقت مواقعه ضربتين من قبل اسرائيل أيضا عقب القصف الأميريكي”.
ورأى أن “الموقف الروسي قابل للتغيير لو تمكن الغرب من تقديم بديل عن الأسد، خصوصا أن موسكو وواشنطن أدركا بعد التطورات الأخيرة أن إطالة الأزمة لن تنفع الطرفين”.وأعرب عن اعتقاده بأن “جنيف 6 ستشهد تقاربا أميركيا روسيا وسينخرط الجانبان في مفاوضات أكثر جدية للبحث عن بديل للأسد لاسيما أن الحل السياسي سيمهد الطريق أكثر لمكافحة الإرهاب”.
وخلص الباحث التركي إلى أن “مفاوضات جنيف هي أكثر صيغة فعالة متوفر لإيجاد حل، ومهما كانت الظروف ينبغي الاستمرار بها وعلى المبعوث الأممي التدخل بقوة بدلا من دوره الرقابي”.وشدد على أن “مسار جنيف سيحقق نتائج إيجابية في حال تم اتخاذ التدابير اللازمة وفي مقدمتها مواصلة إضعاف الأسد خاصة من خلال فرض عقوبات على الدول الداعمة للنظام، وتجميد أموالها”. وانتهت جولة جنيف 5 في 31 مارس/اذار دون أن تختلف النتائج المنبثقة عن مباحثات أيامها الثمانية عن سابقاتها، إذ لم تحصد الأطراف السورية النتائج المرجوة رغم تحديد أجندة النقاش مسبقا مع نهاية الجولة السابقة، لتعود الوفود خاوية الوفاض.