متابعة | هيئة التحرير
في سياق تتعالى فيه الدعوات إلى ترسيخ مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الإدارة العمومية، تتكشف وقائع مثيرة للقلق في المديرية الإقليمية للتجهيز بطنجة، حيث تم رصد خروقات خطيرة تمس بقواعد الحكامة الجيدة وتدل على استهتار واضح بالقانون والمال العام.
مصادر موثوقة أفادت أن المدير الإقليمي للتجهيز أقدم على بناء طابق إضافي فوق سطح مقر المديرية، دون الحصول على أي ترخيص قانوني أو اعتماد دراسة هندسية، في خرق سافر لقوانين التعمير والسلامة. هذا الورش العشوائي لا يحترم النمط المعماري المعتمد للبناية ولا خصوصية الحي الإداري المتواجد فيه، مما يشكل تعديًا على الطابع العمراني المهيكل قانونياً، فضلاً عن تعريض حياة الموظفين والمرتفقين للخطر في غياب أي إشراف تقني.
الأمر لا يتوقف عند البناء غير القانوني، بل يتعداه إلى شبهات خطيرة تتعلق بتحويل اعتمادات مالية مرصودة من الوزارة لأغراض الصيانة والإصلاح، كما هو موثق بالموقع الرسمي للصفقات العمومية (marchepublics.gov.ma)، لتُستخدم في تمويل أشغال بناء غير مرخص. هذا التصرف يُعد خرقاً واضحاً لقوانين الصفقات العمومية والنصوص التنظيمية للمالية، حيث تم تغيير وجهة المال العام دون احترام المساطر أو مراقبة قانونية.
خرق سلط الضوء على نمط متكرر من التلاعب بالمال العام داخل هذه المديرية، يشمل اعتمادات مخصصة لمستلزمات مكتبية ومواد تنظيف، وميزانية الوقود وصيانة العربات الإدارية، والتي يتم تحويلها إلى سيولة مالية تُصرف بشكل غير مراقب، لتغطية نفقات ذات طابع خاص، ما حول بعض أركان الميزانيات إلى ما يشبه “الصندوق الأسود” داخل الإدارة.
الخطير في هذا الوضع أن هذه الممارسات لا تتم بشكل فردي، بل تُدار بتنسيق داخلي بين المدير الإقليمي وأحد المسؤولين عن البرمجة المالية والمصادقة على الصفقات، الذي يسهر على تمرير العمليات وتغطية التلاعبات بأساليب إدارية توحي بسلامة الإجراءات.
كل هذه المعطيات تكشف عن واقع مقلق داخل مديرية يفترض فيها أن تكون نموذجاً في التدبير العمومي الرشيد. إنها ممارسات تضرب في العمق مصداقية الإدارة المغربية، وتعيد طرح السؤال الجوهري: هل تتحرك الجهات المعنية لفتح تحقيق شفاف وتفعيل المحاسبة، أم أن منطق الإفلات من العقاب سيبقى سائداً، لتبقى الحكامة مجرد شعار تتغنى به التقارير؟