لا تكاد تضع قدماك في أسواق السمك بطنجة حتى تلهبك الأسعار لتغادر مسرعا تجاه بيتك، لا نهول الأمر وإنما نحاول استغلال الحملة الشعبية المناهضة لغلاء أسعار السمك، لتسليط الضوء على هذا القطاع الذي يسيطر عليه سياسيون ورجال الدولة والأعمال وبارونات مخدرات بمدن الشمال، وبمدينة طنجة خصوصا، التي حباها الله بموقع استراتيجي تطل بفضله على واجهتين، البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، إلا أن هذه المميزات لا تغير من واقع الغلاء شيئا، فثمن الأسماك بطنجة لا يتأثر بالعرض والطلب كما هو معلوم في كل الأسواق العالمية، وإنما يتأثر بمصالح اللوبيات التي تتحكم في قطاع الصيد البحري بالمدينة، وحيث أن أغلب رخص الصيد بأعالي البحار يمتلكها جنرالات وسياسيون وبارونات مخدرات ورجال الدولة والأعمال المقربين من دوائر القرار، فإن أسعار الأسماك لا تعرف انخفاضا على طول السنة، ويشهد قطاع الصيد البحري بطنجة اختلالات كبيرة وتجاوزات يعاقب عليها القانون المنظم، بدءًا من بيع السمك لبواخر أجنبية في عرض أعالي البحار، ووصولا لميناء الصيد البحري بالمدينة وكيف تباع الأطنان من السمك بالسوق السوداء دون مرورها لمرحلة التسجيل والمراقبة، وهو ما يجعل الأسماك في الأسواق المنتشرة بالمدينة لا تخضع لثمن موحد، وحسب مصادر متطابقة أن التجار الكبار هم من يستفيدون من هامش الربح الكبير حيث يبيعون السمك بثمن مرتفع ليضطر التاجر الصغير أن يبيعه بإضافة نسبة ربحه ليصل الى المواطن بثمن باهض جدا، وعلى سبيل المثال فالسردين لا يتجاوز ثمنه في سوق الجملة 8 دراهم، والمواطن يشتريه من الباعة في السوق ب30 درهم، وهو ما يضع الطبقة الفقيرة محرومة حتى من السردين الذي من المفروض أن يكون في متناول المواطن البسيط، أما باقي انواع السمك كالقمرون والكلامار وسمك أبو سيف فأسعارها أغلى من بعض الدول الأوربية التي تستورد السمك من بلادنا، وتبقى هذه الأسماك مباحة للطبقة البسيطة فقط على شاشات التلفاز، ولا يشاهدها الفقير عن قرب إلا في برامج الطبخ على أطباق شميشة أو الشاف موحا!.
ونشير الى أن هذه اللوبيات لا تحترم حتى الراحة البيولجية للأسماك ولا يهمها سوى جني الأموال ولو على حساب الثروة السمكية للبلاد، وبالرغم من إنشاء غرفة الصيد البحري المتوسطية سنة 1997 والتي يمتد نفوذ ترابها حتى الحسيمة والناظور مرورا بالفنيدق والمضيق وطنجة والعرائش، وبالرغم من الصلاحيات التي منحت لهذه الغرفة إلا أنها تبقى عاجزة بل مشلولة عن تفعيل دور الرقابة وتنظيم هذا القطاع الذي يضر بمصلحة المواطن بشكل مباشر، ويعلم الجميع أن حراك الريف الذي كاد أن يهدد استقرار البلاد كان بسبب قطاع الصيد البحري الذي تسيطر عليه مافيات لا تهمها القدرة الشرائية للمواطن بقدر ما يهمها تسمين أرصدتها البنكية .
وتجدر الإشارة إلى أن نشطاء مواقع التواصل أقدموا على إضافة “الأسماك” إلى حملة مقاطعة ثلاثة منتوجات، وهي محروقات “إفريقيا” ومياه “سيدي علي” وحليب “سنترال”، وذلك بسبب ارتفاع أسعار هذه المنتوجات .
يتبع..