متابعة | يوسف المنصوري
شهدت مدينة طنجة يوم الخميس 16 يناير 2025، انعقاد لقاء دراسي خصص لتدارس واقع وتحديات تدبير مرفق النظافة، وسط غياب لافت للمجتمع المدني والإعلام المحلي، في خطوة أثارت تساؤلات حول غياب الشفافية وانعدام إشراك الفاعلين الأساسيين في نقاشات تمس الشأن العام والذين يعتبرون في التجارب الناجحة عصب التنمية وتحقيقها.
اللقاء الذي عُقد خلف أبواب موصدة بمقر جماعة طنجة، اكتفى بحضور مسؤولين من الجماعة وممثلي الشركات المفوضة لتدبير ملف النظافة، دون أي اعتبار للساكنة أو الجهات المهتمة.
من الواضح أن تنظيم اللقاء بهذه الطريقة يعكس حالة من الفوضى في تدبير الشأن العام التي أصبحت تطبع عمل العمدة الحالي، الذي لم يعد يتوفر على أدنى حس بالمسؤولية تجاه قضايا المدينة ومشاريعها الكبرى ، فبدلًا من فتح قنوات الحوار وتعزيز مبدأ المشاركة، أظهر هذا اللقاء غياب رؤية واضحة في إدارة ملفات حيوية تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
وأغرب ما في الأمر أن البلاغ الصادر عن اللقاء تضمّن توصيات تتعلق بتطوير وتوسيع خدمات النظافة، وهي في الأصل من المهام الحصرية للشركات المفوضة وفقًا لدفتر التحملات الموقع مع الجماعة، والذي يحدد بدقة الالتزامات والواجبات الملقاة على عاتق هذه الشركات مقابل تعويضات ضخمة تُقدر بمليارات الدراهم تحت طائلة العقوبات والغرامات في حال عدم تنفيذ هذه المهام،هذا الأمر يطرح تساؤلات عميقة حول جدوى هذه التوصيات، التي تبدو وكأنها إعادة صياغة لما هو مفروض مسبقًا على الشركات، دون أي اعتراف بتقصير الجماعة في مراقبة التنفيذ أو محاسبة المتقاعسين.
إن المسؤولية عن واقع النظافة الحالي لا تقع فقط على عاتق الشركات المفوضة، بل على جماعة طنجة التي أخفقت في القيام بدورها الرقابي بشكل فعال ، فالعمدة الذي يفترض أن يكون قائدًا لمسار التنمية والإصلاح، أصبح يتخبط في قرارات ارتجالية لا تخدم المدينة ولا تحقق أي نقلة نوعية في تحسين الخدمات ، فبدلًا من معالجة الاختلالات الحقيقية أو طرح حلول مبتكرة تعتمد على التكنولوجيا والتوعية المجتمعية، يبدو أن القيادة الحالية منشغلة بإصدار توصيات شكلية لا تتعدى كونها وعودًا فارغة تفتقر إلى أي أثر ملموس على أرض الواقع.
طنجة اليتيمة سياسياً تطمح لتكون واجهة سياحية وحضارية، تستحق أكثر من هذا الأداء المتواضع والمخيب للآمال ، مواطنو المدينة ينتظرون قيادات تمتلك رؤية واضحة وجرأة في اتخاذ القرارات الحاسمة باشراك فعاليات المجتمع المدني الغائب الكبير في هذه التجربة دون الحديث عن الهيئات التشاورية الدستورية التي ظل ملفها في رفوف السيد العمدة دون أي اشراك فعلي وحقيقي ، بدلًا من استمرار التخبط والعشوائية في إدارة الملفات الحيوية.
ومع اقتراب أحداث دولية كبرى مثل كأس إفريقيا، فإن هذا النوع من التدبير يهدد بتشويه صورة المدينة وإضعاف قدرتها على مواجهة تحديات المستقبل ، الامر الذي يجب ان تنتبه له السلطة الوصية لاتخاذ اجراءاتها الصارمة في حق المنتخبين وتكثيف الرقابة على ملفات التدبير المفوض حماية لحقوق المواطنين والمال العام.