حالة من الشرود والتيه والتشرذم تعيشها جل الأحزاب السياسية بمكناس خصوصا فيما يتعلق بإعداد اللوائح الانتخابية الخاصة بانتخابات الجماعية. يحدث هذا و الاستحقاقات لم يبقى على موعدها سوى أسابيع قليلة. الشيء الذي ينبأ بصيف ساخن سياسيا بالمدينة. ويرجح المتتبعون للشأن السياسي المحلي إلى أن هذا الوضع سببه غياب التمثيلية الحزبية على المستوى المحلي واقتصار ظهورها في الانتخابات فقط الشيء الذي كرس عدم الثقة في المشاركة في الفعل السياسي، بالإضافة إلى تخلى هذه التمثيليات الحزبية عن أداء دورها في التأطير السياسي، وافتقارها للشجاعة الكافية لطرح مجموعة من القضايا الهامة التي تشغل الرأي العام المحلي للنقاش والحوار.
وقد يكون من بين الأسباب كذلك رغبة بعض الوجوه السياسية البقاء في موقع تسيير الشأن المحلي، الأمر الذي أغلق الباب أمام الوجوه الجديدة التي ترغب في أن تتاح لها الفرصة للمساهمة في تنمية مدينتها، وترفض في ذات الوقت خوض غمار المنافسة مع “سياسيين” كانوا السبب في القضاء على مدينة مكناس بسوء تدبيرهم للشأن المحلي.
في حين يرجح البعض الآخر أن هذا الشتات الذي تعرفه التمثيليات الحزبية يعود إلى بعض التحالفات الهجينة “التنازلات” التي تمر تحت الطاولة بين الأحزاب على المستوى المركزي تحت شعار “عطني هذا المدينة نعطيك هذا المدينة”. وبهذا يعتبر المواطن سلعة للبيع والشراء عند هذه الأحزاب.
رأي ثالث يرى أن التمثيل الاجتماعي السائد الآن محليا عن سياسة و التنظيمات الحزبية مغرق في السلبية رغم اعتماد جيل جديد من الإصلاحات السياسية والتشريعات التي تسعى من حيث المضمون إلى تحقيق القطيعة مع النسق السياسي السائد. وجدير بالإشارة في هذا الإطار إلى انه من بين النتائج التي قد تؤدي إليها احتكار الوظائف السياسية هو “حرمان” العاصمة الإسماعيلية من ناشطين سياسيين محتملين في المستقبل، بمعنى عقم الحياة السياسية والحد من توليد الأفكار المبدعة الخلاقة، واقتصارها على الأفكار البالية القديمة التي يسوقها أناس لم يتجددوا في الحياة السياسية. وبالتالي حرمان ساكنة مكناس من عدة فوائد محتملة جراء تراجع الاهتمام بالسياسة. فبقاء بعض الوجوه التي ارتبطت أسمائها بتسيير الشأن المحلي بمكناس داخل معترك الصراع السياسي هو إعلان ضمني باستفحال الفساد والتسلط واستغلال السلطة لأغراض شخصية. وبالتالي إعلان وفاة مدينة مكناس.
فؤاد السعدي – الجريدة