الجريدة / فؤاد السعدي
كثيرا ما نقرأ مقالات تتصدرها عناوين مثيرة، فيتبادر إلى الأذهان أن هذه المقالات تحوي بين سطورها حقائق عميقة، واكتشافات دقيقة، مبنية على أدلة دامغة وتحليل موضوعي مترابط قائم على أسس واقعية وحجج حقيقية ثابتة. غير أن ما نراه، غالبا ما هو إلا آراء تعبر عن خلفيات أصحابها السيئة التي قد تكون أسبابها في الغالب علاقات شخصية، أو من أجل الابتزاز لقضاء مصلحة ما، وهي في كلتا الحالتين، لا ترتكز على دليل مادي، بقدر ما يراد من ورائها التأثير على القراء والاستخفاف بذكائه.
أما مناسبة هذا الكلام، فهو ما أصبحنا نسمعه اليوم من تبادل للاتهامات بين رئيس جماعة المشور الستينية بمكناس وأعضاء من المكتب المسير. هذه الاتهامات شكلت مادة دسمة للصحافة المحلية والوطنية، الحزبية منها والمستقلة، وحتى وإن تناولها البعض من هذه المنابر بنوع من الحياد والموضوعية، إلا أن البعض الأخر اعتبرها فرصة مواتية لتصفية حسابات شخصية ضيقة كما هو الحال مع جريدة الاتحاد الاشتراكي التي نصبت نفسها طرفا في القضية، وانتقل خطها التحريري من مدافع على مصالح المواطنين إلى مؤازر لمصالح أصهار مراسليها عندما نشرت بتاريخ 2 يناير من السنة الجارية مقالا تحت عنوان “مستشارو المعارضة ينتظرون لجن التفتيش..”، ذكر فيه صاحب المقال أنه توصل بشكاية من مستشاري المعارضة بمجلس جماعة الستينية مرفوعة إلى كل من ديوان الملكي، ووزير الداخلية، وعامل عمالة مكناس، ووكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس يطلبون من خلالها إيفاد لجنة لمراقبة دفاتر التحملات، وكشف التلاعبات في تدبير شؤون الجماعة، وما شاب بعض الصفقات من شبهات وخرقات تم عرضها في أربع نقط سوف نجيب عنها. ليس دفاعا عن الرئيس وأغلبيته، كما قد يبدو للذين لا يتحركون في أية قضية إلا بعد تشغيل العداد “الفاهم يفهم”، بل رفضا لكل ما من شأنه الاستخفاف بذكاء المكناسيين أو محاولة استغبائهم عن طريق لعب دور الضحية النزيه من جهة، ورفعا لكل لبس، ورغبة في كشف الحقيقة كما هي، ليس كما يردها بعض ممن تمرغ في نعيم الجماعة قبل أن ينقلب ويتمرد عندما تأكد أن “البزولة” لم تعد تعطي “حليبا” وأن المكلفين بتدبير شؤون الجماعة عازمون على فرض مبدأ الشفافية والحكامة من جهة أخرى.
فبعد أن أبت جريدة الإتحاد الإشتراكي نشر بيان حقيقة يجيب فيه رئيس جماعة المشور الستينية في إطار حق الرد الذي يكفله له القانون على ما جاء بالمقال المذكور، يتولى موقع الجريدة هذا المهمة حتى ولو قيل عنه “كاري حنكو” فلا يهم ما دام كشف الحقيقة هو المهم وحتى لا يتجرأ أحد على بيع الوهم للمكناسيين. وسنبدأ بقراءة المادة 113 من القانون التنظيمي رقم 113.14 التي تنص على أن جميع الصلاحيات المسندة لرؤساء المجالس الجماعية بجماعات المشور بصفة عامة يمارسها الباشا. بمعنى أن كل الصلاحيات المكولة لرؤساء الجماعات الترابية المنصوص عليها في المادة 94 يمارسها الباشا عندما يتعلق الأمر بجماعات المشور. وحتى المداولات أيا كان موضوعها لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد مصادقة وزير الداخلية أو الشخص الذي يفوض له ذلك. بالتالي سيفهم أصحاب النهى أن منطوق كل هذه المادة يبرء الرئيس وأغلبيته من كل اتهام وباطل وافتراء. ويؤكد على حقيقة واحد هو أن منصب رؤساء مجالس جماعات المشور شكلية أكثر منها تقريرية. وهنا تتضح نصف الحقيقة ونوايا المعارضة والغرض من هذه الزوبعة التي لا تعدو أن تتجاوز حدود الفنجان. أما النصف الأخر من الحقيقة، فهو الذي سيكون بمثابة الصدمة عندما يكتشف المكناسيون لماذا أقام بعض من نواب الرئيس الدنيا وأقعدوها بمعية بعض المستشارين المحسبين على المعارضة كل هذه الضجة ورفعوا شكاية تعد مهزلة بكل المقاييس في تاريخ التدبير الجماعي بالمغرب مستغلين بذلك بعضا من المنابر الإعلامية كأداة للضغط لأجل مصلحة في نفس رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة بجماعة المشور الستينية بمكناس، ولعها المفاجئة التي سنكشفها بالتفاصيل بالوثائق والبينات في مقالنا القادم.
يتبع