الجريدة – فؤاد السعدي
نظرة سريعة على فيديو “أنظر أسفله” نشره موقع حزب العدالة والتنمية الإلكتروني يعرض فيه عبد الله بوانو انجازاته خلال سنة واحدة من تسيير وتدبير جماعة مكناس تؤكد بأن ذقون المكناسيين مهمة جداً لأن من دونها، لن يجد على من يضحك. واللافت للأنظار أن السيد بوانو لكثرة مناصبه التقريرية اختلطت عليه الأمور عند إجابته عن الأسئلة لدرجة أنه وجد صعوبة في الخروج من عباءة رئيس فريق نيابي إلى عباءة رئيس جماعة. وكأن ثقافة التداول على السلطة وتجديد الدماء عند مثل هؤلاء الساسة باتت “مفرا بواحا” أو “رجسا من عمل الشيطان” لدرجة أصبحوا معها يأبون تسليم المشعل للغير بحجة تجديد الثقة فيهم، ويرفعون شعار مسؤولون لأجل غير مسمى. مما يؤكد مستوى الاستخفاف من تحمل المسؤوليات واحتكار المناصب لأطول وقت ممكن غير أبهين لا بمبدأ تداول السلطة ولا بحكم الإسلام الذي اعتبر أن المسؤولية لا تمنح سوى للقادر على أدائها وعلى أحسن وجه غير منتقص منها، وهي فرصة نذكر من خلالها الرجل ذو الرئاستين بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما رفض تولي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه رغم حبه الشديد له حيث قال: ” يا أبا ذر إنك رجل ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليها فيها”. حديث نسائل من خلاله القيادي البارز في حزب “المصباح” فيما إن كان حريصا هو كذلك على تأدية الأمانة التي منحها له أهل مكناس طيلة ثلاث ولايات البرلمانية الماضية؟ و أن ما تغير طيلة هذه المدة هو أوضاعه المادية فأصبح يتقاضى راتبا سمينا وتعويضات سخية وصفقات استفاد منها الأهل والمقربون؟ ولعل المغاربة عموما والمكناسيون على وجه الخصوص يتذكرون الفضيحة التي أسالت العديد من المداد، واعتبرت مادة دسمة تناولتها كل الصحف الوطنية بطلها أخ عبد الله بوانو والمتعلقة بصفقة بلغت قيمتها 34 مليونا و732 ألف سنتيم.
اليوم وبعد غيابه الطويل وتمرغه في نعيم البرلمان ورغده، وتنكره لجميل المكناسيين وضربه انتظاراتهم عرض الحائط عوض أن يقدم حصيلة ولاياته الثلاثة اقتصر فقط على سرد ما ينوي القيام به بعدما ترأس جماعة مكناس متأكدا أن ديماغوجيته ستنطلي على الناخبين. كلا سيدي الرئيس فساكنة مكناس تود أن تعرف ماذا حققتم لها ولمدينتها ليس كرئيس جماعة بل كنائب برلماني عن دائرتها؟ فزمن استغفال أهل النهى قد ولى ويوم الحساب قريب فإما أن تعز ويذل المكناسيون وإما العكس.
ويبدو أن وكيل لائحة المصباح قد لعب كل أوراقه ولم يعد أمامه سوى طلب مؤازرة زملائه في الحزب لحشد الهمم عندما استقدم القيادي عبد العزيز رباح لترأس المهرجان عنوانه الكذب وتضليل المكناسيين حيث كان مقررا قبل انطلاق الحملة الانتخابية أن عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب هو من سيترأس المهرجان الخطابي بمكناس الذي حدد له كمكان الملعب الشرفي. إلا أن الأخبار الغير ايجابية المتعلق بتدني شعبية وكيل اللائحة بالمدينة وفشله في الوفاء بوعوده للساكنة جعلته يغير وجهته. وإنقاذا لماء الوجه اضطر بوانو دعوة عزيز رباح ونقل مراسيم المهرجان الخطابي من الملعب الشرفي الى ساحة الهديم التي تعرف رواجا طيلة أيام الأسبوع وبهذا يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد الأولى بعث رسائل إلى الأمين العام مفادها أن شعبية بوانو في تصاعد والثانية التسويق بأن حزب العدالة والتنمية بمكناس لازال يعرف نفس الأوج في صحة جيدة. لكن هيهات، لقد أبان المهرجان الخطابي الذي أقيم بالهديم عن مؤشرات تصدع العلاقة بين عبد الله بوانو والقيادة المركزية مؤشرات فيها ما هو ذاتي وفيها ما هو موضوعي. فهل التقط المكناسيون هذه الإشارات؟ وهل فهموا المغزى من عدم حضور بنكيران إلى مكناس كما كان مبرمجا “الفاهم يفهم”
منتهى الاستخفاف بالعقول قبل الذقون ما يقع بمدينة الملوك ومن حزب ألف منه المغاربة “المعقول”، عندما يتقدم رجل للترشيح للانتخابات البرلمانية للمرة الرابعة بمعية وصيفه المسمى الصقلي ابن مدينة فاس الذي لا يطل علينا إلا عند كل استحقاق انتخابي كأن لا شيء يربطه بمكناس غير المقعد البرلماني وأجزم أن السواد الأعظم من المكناسيين لا يعرفونه. فمن الغباء أن ننتخب نفس الأشخاص ونفس الأحزاب لنفس المناصب أكثر من مرة ثم ننتظر نتائج مختلفة.
أما آن الآوان يتعلم المكناسيون الدرس ويفهموا أن سعي بوانو للفوز بولاية رابعة ليس لخدمتهم بل لتعبيد الطريق نحو بلوغ كرسي الوزارة الذي أصبح على مرمى حجر بعدما حقق كل العلامات المطلوبة في سيرته الذاتية من أقدمية بالبرلمان إلى رئيس فريق إلى رئيس جماعة ولم يبقى سوى منصب “وزير” ينهي به مشواره السياسي ويخرج بتقاعد مريح. ويبقى السؤال هل سيتمكن بوانو من التوفيق بين منصبي رئيس جماعة ومنصب وزير “يلا جابو الله”، أم سيضحى بالأول فلن تأتي منه سوى بـ”صداع الراس” ؟ في هذه الحالة يجب على المكناسيين أن يعوا بأن أي تصويت عقابي ضد باقي الأحزاب سيكون لصالح حزب ساهم في إغراق البلاد والعباد، وقد صدق جلال عامر عندما قال:”المشكلة أن الموكل إليهم حل مشكلة الوطن هم أنفسهم المشكلة”، هي فرصة لا تتكرر سوى كل خمس سنوات والمكناسي هو من سيقرر في مصير مدينته مكناس… يتبع