الجريدة / فؤاد السعدي
في كل مرة أقرر فيها الكفاف من انتقاد طريقة تدبير رئيس جماعة مكناس ومعاوينيه للشأن المحلي، إلا وتجدني مضطرا لكشف حقيقة مسيرين كل المؤشرات تنبئ أن على أيديهم ستكتب نهاية عنوانها الذل لمدينة عاشت سنوات من العز والشموخ. فمن العار أن تنتهي مدينة الملوك والسادة الكرام بهذا الشكل البشع الذي لا يقبله كل مكناسي حر. فهل كُتب علينا الانتقاد فقط، أم هو قدرنا أن نُبتلى بأشخاص تعودوا أن يأخذوا دون أن يعطوا؟ هذا هو حالك يا مكناس، فأهلك باعوك ليختاروا لك مصيرا لا يليق لا بسمعتك و لا بتاريخك.
فمسلسل الفضائح لا يأبى على الانتهاء. فما إن تنطفئ الواحدة حتى تشتعل الأخرى. واليوم سنقف عند قضية سنصنفها ضمن خانة “قوالب الرئيس” ونبدأ بـ “القالب رقم 13” وهو رقم النقطة التي وردت في جدول أعمال الدورة الاستثنائية لشهر دجنبر الحالي، المتعلقة بالدراسة والموافقة على ملحق تمديد خطوط النقل الحضري بالمدار الحضري لجماعة مكناس. سيقول البعض، وأين العيب في ذلك مادام الشبكة النقل الحضري ستعرف اتساعا، وتشمل عدة مناطق كانت ساكنتها محرومة من هذه الخدمة الحيوية؟ ومعهم كل الحق، لكن العيب عندما يعرف المكناسوين ما هي الصفقة التي منحت كمقابل لهذا التمديد؟ ولماذا تحفظ الرئيس في الدخول في حيثيات مهرجان مكناس ومطالبة إرجاء النقاش فيه إلى دورة فبراير القادم؟ وهنا كذلك قد يقول البعض الآخر ما علاقة هذا بذاك؟ والجواب بسيط هو أن شركة “سيتي باص” من الداعمين الرئيسين للسهرة الختامية للمهرجان مكناس، والمقابل أن يضمن لها الرئيس تمرير نقط التمديد في دورة دجنبر الاستثنائية، وهو ما قد يعتبر بمثابة موافقة ضمنية على تمديد عقد التدبير المفوض الذي أوشك على الانتهاء بين الشركة والجماعة.
ولا بأس هنا أن نعود بالرئيس إلى الوراء بعض الشيء ونذكره بجملة من الاختلالات التي تضمنها دفتر التحملات الذي كان من المفروض أن يقف عنده قبل أن يأخذ أي خطوة مع الشركة أيا كانت، حتى لا يكرر أخطاء سلفه خصوصا وأن الاتفاقية في شموليتها أبرمت لصالح هذه الأخيرة، وليس لصالح حاجيات ساكنة الجماعة متطلباتها.
فالإحصائيات تبين بأن عدد مستعملي حافلات هذه الشركة في ارتفاع ملحوظ بمعدل يومي يقدر ب 93.650 راكبا في حين عدد الحافلات انخفض إلى نصف العدد المتفق عليه، ودون الحديث على أن الأسطول الذي أصبح مهترئ وحافلاته ولا تحترم معاير الصحة والسلامة المعمول بهما، وهذا موضوع سيأتي الحديث عليه لاحقا. وعوض أن تتحسن الخدمات بزيادة الإرباح يلاحظ العكس، والسبب أن الإتفاقية لم تحدد العدد الأقصى من الحافلات التي ينبغي تشغيلها حسب كل خط، وتُركت للشركة حرية ملاءمة هذا الأمر لقانون العرض والطلب، وبالتالي البحث عن الربح بأية وسيلة. فمن العار أن يتم توقيع الاتفاقية، أو حتى تجديدها أو الموافقة على أي إجراء في غياب أي دراسة تتعلق بتشخيص واقع النقل الحضري وما وصل إليه، وفيما إن احترمت الشركة إلتزامتها أم لا، وتحديد الأهداف المراد انجازها، وأخذ بعين الاعتبار النمو العمراني والحضري للمدينة. ما يفسر أن الاتفاقية تضمنت بعض البنود التي تمت صياغتها بشكل عام وغير دقيق و تفتقر إلى بعض المعايير التي تشكل أساسا مرجعيا وقانونيا لمراقبة الشركة وكذا المقتضيات التي تساهم في حماية حقوق الجماعة وتدبير المرفق بشكل جيد. فمن ترك البنود تصاغ بشكل فضفاض يعرف جيدا ماذا يريد ؟ لإن الدقة في صياغة البنود يستوجب الخضوع والامتثال و الفضاضة تستوجب التأويل، وكل تأويل وثمنه. وهنا وجب أن نقول لأصحاب القرار “إوا بركا من القوالب”.
…يتبع مع “قالب آخر”