خلف المقال السابق (تفاصيل كشف فضائح تدبير مرفق النقل الحضري) الذي نُشر على موقع “الجريدة” الالكتروني، المتعلق بمرفق التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بجماعة لمكناس، (خلف) انطباعا لذا ساكنة المدينة، على أن شؤونهم المحلية تُدار بشكل عشوائي وارتجالي يفتقد لمنطق الحكامة والعقلانية والغيرة على المدينة. وليس قطاع تدبير مرفق النقل الحضري هو الوحيد الذي يعرف اختلالات بنيوية وعملية، بل هناك كذلك قطاع النظافة الذي سيأتي الحديث عنه لاحقا.
ليتأكد المكناسيون أنهم لم يكونوا يوما من ضمن حسابات منتخبيهم أو شغلهم الشاغل، على الرغم من أنهم هم من كانوا السبب وراء تقلدهم كراسي تسيير المدينة. هؤلاء المنتخبون سواء بأغلبيتهم أو معارضتهم، المكناسي لديهم سوى مجرد صوت يحتاجونه في فترة الاستحقاقات الجماعية لا غير. والدليل على ذلك الطريق التي تمت بها صياغة دفتر التحملات المتعلقة بمرفق النقل الحضري، والتي توحي بأنه كانت هناك مؤامرة تحاك ضد مكناس وساكنتها، من قبل الوالي الذي كان مشرفا على العملية حينها، والتي نزل فيها بكل ثقله، ولا ندري الجائزة التي استحقها مقابل هذا العمل المضني والأكيد “ماشي لوجه الله”. حصل هذا بمباركة من كانوا يسيرون المجلس البلدي آنذاك، وهم إخوان عبد الله بوانو القيادي بحزب العدالة والتنمية، والمرتقب أن يشغل منصب وزير في حكومة بنكيران الثالثة، عندما كان يشغل منصب “المقرر” لميزانية الجماعة الحضرية وقتها، قبل أن ينهوا ولايتهم الجماعية بمكناس على وقع فضيحة مدوية عنوانها عزل رئيسهم وحل المكتب بالكامل وتعوضه بآخر ، ولازال حتى اليوم الرئيس المغزول متابع لدى محكمة جرائم الأموال بسبب العديد من الخروقات المرتبطة بتسيير وتدبير شؤون الجماعة. وليأتي المجلس البلدي الحالي مع إعادة بعض الوجوه السابقة المعمرة لسنوات بمجالس البلدية إلى مواقع التسيير. هذه الوجوه التي استفادت من تجربتها الطويلة في مواقع التسيير بالجماعة، وفهمت بحنكتها من أين يؤكل الكتف، لتقضي على ما تبقى من الخراب الذي خلفه سابقه. بل الأكثر من هذا أن المجلس السابق أعد طبخة مرفق النقل الحضري، والمجلس الحالي أ كلها “وحد قشرها أواحد كلها” .
أما كيف طُبخة، و كيف تُأكل فهذا ما سنترق إليه خلال هذا الموضوع الذي يعتبر امتدادا للمقال السابق وحلقة أخرى ضمن مسلسل كشف فضائح مرفق النقل الحضري بمكناس.
فعندما تحدثنا في مقالنا السابق على أنه تم تعمد الفضاضة والعمومية في صياغة شروط الاتفاقية. كان النمودج على هذا الأمر، هو عدم التنصيص على إمكانية إدماج كل جماعة داخل مدار النقل الحضري، ضمن البند الثامن من الاتفاقية، مما نتج عنه إحداث بعض الخطوط التي تدخل ضمن مرفق النقل ما بين الجماعات، وبالتالي تداخل الاختصاص الترابي لعمالة مكناس والمناطق المجاورة. وهو ما يعتبر خرقا سافرا لمقتضيات القانون علما أن المستفيد الوحيد في هذه “التشبيكة” هو الشركة. بمعنى أن هذه الأخيرة قامت بالربط بين المدينة مكناس والجماعات المجاورة لها، وذلك بتسخير الوسائل والآليات التي خصصتها لها جماعة مكناس لفائدة مرفق النقل الحضري، وداخل المدار الحضري، لتستفيد منه جماعات أخرى في غياب أي أساس قانوني. وقد ترتب على هذا المعطى استفادت الشركة المعنية من مداخيل إضافية خارج مداخلها المعتادة المحققة داخل المدار الحضري، من دون أن تستفيد من هذا الإضافي في المداخيل المحصلة ميزانية الجماعة. ولا نعتقد أن هذا الأمر سيغفل عنه الضالعين في أمور المجلس، أو سيسكتون عنه، وخاصة مسؤولي القسم التقني والنائب السادس المفوض له عن هذا القسم الذي يعتبر المسؤول المباشر على تفعيل ومراقبة هذا المرفق، ومراقبة كذلك ما مدى سريان الاتفاقية بالشكل الذي يتماشى مع القانون “والفاهم يفهم”.
فكم يا ترى جنت الشركة من الأموال منذ 2006 إلى حدود 2010 ، السنة التي اكتشف فيها الرئيس بالكرات التي كانت تمر فوق رأسه، ويقوم إثر ذلك بإعداد ملحق تعديلي لتصحيح الوضع ؟ الطامة الكبرى أن الرئيس عندما اكتشف أن “الهمزة” لا يصله منها نصيب قام بشكل فردي بتعديل الاتفاقية وسقط في خرق كبير للقانون “جا يبوسها عماها” (سنعود لهذا الموضوع لاحقا) وتضيع بذلك أموال طائلة على ميزانية الجماعة، ولا ندري “فين اعطات بالراس”. فكيف يعقل أن تستغل الشركة، باتخاذها لقرار فردي، خطوطا لم يتم التنصيص عليها في الاتفاقية، وتقوم حافلتها بنقل المرتفقين (الركاب) من والى مكناس في تجاه النواحي لمدة تزيد عن 4 سنوات ولا من حسيب ولا من رقيب ؟ فهل يُفسر هذا بأنه كانت اتفاقات سرية على غرار هذا الأمر بين الشركة والجماعة من الجهة وبين جماعة مكناس والجماعات المجاورة التي يصلها اسطول حافلات الشركة من جهة أخرى ؟… يتبع
فؤاد السعدي – الجريدة