الجريدة / عصام الطالبي
بدت اللقاءات الأولية التي أجراها رئيس الحكومة المعين، سعد الدين العثماني، في إطار المشاورات لتشكيل الحكومة، والتصريحات الصحفية المتفائلة التي تلتها لزعماء الأحزاب الممثلة في البرلمان أن “البلوكاج الحكومي” الذي دام زهاء خمسة أشهر لم يكن الهدف منه سوى الإطاحة بعبد الإله ابن كيران والدفع بالملك إلى إعفائه من مهامه.
ولعل أولى المؤشرات التي تدعم هذه الطرح هو السعي نحو تشكيل تحالف رباعي يظم كل من التجمع الوطني للأحرار، الإتحاد الدستوري، الحركة الشعبية، والإتحاد الاشتراكي، وذلك رغبة في قطع الطريق أمام بنكيران كي لا يستفرد بكل حزب على حدا والتفاوض معه، خاصة في ظل إصرار أخنوش على دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة والنيابة عنه في المشاورات، وهو الأمر الذي لقي استهجان من قبل المتتبعين لمسار تشكيل الحكومة.
فمنطق الإملأت والشروط لم تكن سوى وضع “العصا في الرويضة” بالنسبة لابن كيران، وقد ظهر جليا من خلال الشرط الأول الذي وضعه عزيز اخنوش أمام ابن كيران للتقدم في مسلسل المفاوضات، بعدما اشترط إبعاد حزب الاستقلال من الحكومة، والاقتصار على الأغلبية السابقة، الأمر الذي دفع برئيس الحكومة إلى التخلي عن حليفه شباط، مستغلا بذلك غضبة القصر على الأمين العام لحزب الاستقلال بسبب تصريحاته التي أدت إلى توتر علاقة المغرب وموريتانيا، لكن سرعان ما انقلب أخنوش من جديد على عقبيه واستمر في فرض شروط جديدة تتجلى في ضرورة إشراك الاتحادين الدستوري والاشتراكي.
ورغم رضوخ ابن كيران وقبوله دخول الاتحاد الدستوري، فهذا لم يمنع أخنوش من مواصلة سياسة التماطل في الرد على عرض ابن كيران بخصوص الدخول للحكومة من عدمه، ليزداد الضغط على رئيس الحكومة الذي امتدت مشاوراته لما يزيد عن خمسة أشهر، بعدما ظل أخنوش يلعب بورقة الاتحاد الاشتراكي وعلمه المسبق بـعناد ابن كيران الرافض لدخول لكشر وحزبه للحكومة. وهو ما استغله أخنوش لمعرفة قصر نفس ابن كيران وضيق صدره، ولعها من ضمن الأخطاء التي أدت إلى إعفائه.
تصريحات لشكر بعد لقائه برئيس الحكومة، سعد الدين العثماني “التي قال فيها إن حزبه يرفض أن تنوب عنه أي جهة في المفاوضات تشير إلى أن موقف حزب الوردة تغير بشكل جدري بعد إبعاد ابن كيران، ويفسر أن تشكيل التحالف الرباعي لم يكن الهدف منه سوى إطالة زمن “البلوكاج” وإزاحة ابن كيران، وما يؤكد هذا المعطى موقف العنصر الذي قال إن جميع المؤهلات موجودة لإخراج الحكومة إلى الوجود، عكس تصريحه الذي تلا لقاءه الأول بابن كيران حيث قال حينها بأن مشاورات حزبه في الحكومة واردة.
ومن ساعد على “البلوكاج” وبالتالي الإطاحة بابن كيران إعلان “البام” حينها اصطفافه في المعارضة، في حين يصرح اليوم بعد لقائه برئيس الحكومة العثماني بأن الأخير لم يقد بعد عرضا لحزب “الجرار” للمشاركة في الحكومة، الأمر الذي يقرأ منه أن “البام” يمكنه مناقشة مسألة الدخول للحكومة إذا ما عرض العثماني عليه ذلك.
فهل هي إذن مسالة رجل كان مخططا الإطاحة به من على رأس الحكومة لمواقفه المعارضة لمسألة التحكم والاشتراطات، فكلفته منصبه وأنهت مساره السياسي، أم أن الأمر شيء آخر؟