التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، بشأن سيطرة “بلطجية” على المكتب المسير لفريق الوداد البيضاوي، في إشارة إلى سعيد الناصري رئيس الفريق، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة. خلفت ردود فعل متباينة بين مؤيد لما جاء على لسان رئيس الحكومة و شاجب لها. لكن هذا لا يمنع من طرح السؤال حول الداعي وراء نعت بنكيران مسيري الوداد بـ “البلطجة” ؟ وهل هذا النعت كان المقصود به المسير الرياضي أم الفاعل السياسي الذي لباس زي الرياضي ؟ وهنا يكمن الأشكال. أما وإن كان يقصد بـ “البلطجي” المسير الرياضي الحقيقي والفاعل في المجال الرياضي دون غيره هنا وجب على السيد رئيس الحكومة الاعتذار، لأنه بهذا التصريح يمس المنضومة الرياضية أكملها. أما إن كان يقصد بـ “البطجي” الفاعل السياسي فهذا أمر أخر، وهنا أتفق مع رئيس الحكومة لأن البلطجة هي السعي إلى الهدم لتحقيق المآرب من دون اعتبار المصالح العامة. فنقل الصراع من معترك البرلمان إلى ملعب كرة القدم أمر خطير جدا. والسعي إلى استغلال الرياضة من اجل حسابات سياسية ضيقة هو “البلطجة” بكل تجلياتها. وهو الإقرار الضمني بالهزيمة في معترك البرلمان، و في هذه الحالة قد نتوقع من المهزوم اللعب بكل أوراقه حتى الخبيثة منها.
فلتسقط الوداد أو حتي البطولة البطولة لايهم. المهم عدم إعلان الهزيمة و هروب إلى الإمام. فمن تهمه المصلحة العامة لا يسعى إلى خلق البلبلة، و العمل على شل البطولة و العصف بها إذا اقتضى الحال.
فما أقدم عليه إلياس العماري في خطوة يعتبرها هم تضامنية مع زميله سعيد الناصري وهما معا من حزب”البام” غير محسوبة، وتنم على نوع من الغباء السياسي، ومظهر من مظاهر الخبث السياسي والضرب تحت الحزام بدون مراعات للاعتبارات التي تنحى في اتجاه معرفة حدود الصراع وأساليبه لسلكه، فما يجوز اخذ به أًخذ وما لا يجوز ترك أمره. فما ذنب الوداد والكرة والقدم و الجامعة في صراع بنكيران و العماري ؟ ما ذنب كل هذه الجماهير العريضة أن نحرمها من متابعة فرقها في البطولة ؟ إذن فما دام رئيس الوداد نعت بـ “البلطجي” حسب سلوك العماري فاليتوقف كل شيء، حتي يعتذر بنكيران. ولكن ممن سيعتذر، للمسير الرياضي أم للفاعل السياسي ؟ فلا يمكن الفصل بينهما. وبالتالي فالتذهب كرة القدم إلى الجحيم. هذا ما يريد أن يبلغنا إياه العماري بموقفه المتشنج الذي يحمل نوعا من نبرات التعالي، الرامي إلى الانسحاب من البطولة الاحترافية تضامنا مع زميله حسبما يزعم. ما هكذا تكون أخلاق الساسة.
هذا الموضوع أحالنا إلى طرح سؤال جوهري. لماذا يعمل السياسيون على استغلال الرياضة و خاصة كرة القدم في مآربهم السياسية ؟ مَنْ مِنَ المفروض أن يخدم مَنْ ؟ السياسي هو من يخدم الرياضي أم العكس ؟
في الدول المتقدمة غالبا ما يسعى السياسي لإسداء الخدمة للرياضة، هذا إن كان فاعلا سياسيا. أما إن لم يكن وهذا هو المتعارف عليه فهو يسعى من موقعه لخدمة الرياضة لا غير. ولهذا السبب كرة القدم عندهم متطورة أما عندنا ففي الحضيض. بطولتهم ملتهبة وحماسية و مشجعة وبطولتنا مريضة وثكلى. بطولتهم تدر على خزينة بلادنهم الملايير من الاورهات، و بطولاتنا تستنزف من ميزانية الدولة الملايير من الدراهم وبدون نتيجة تذكر. ملاعبهم مرتبطة بالفرجة و الاستمتاع، و ملاعبنا بها شغب وعنف عبث. والسبب في هذا هو أن معظم من يرأس الفرق الوطنية لكرة القدم هم أناس مسيسين لا يفقهون في شؤون التسيير أي شيء .وهذا نمودج المشهد الرياضي المغربي الذي انتشرت فيه ظاهرة الخلط بين الرياضة و السياسة، من خلال تقلد عدد كبير من المسؤولين المنتمين لأحزاب سياسية مهمة رئاسة و تسيير جامعات رياضية وأندية كرة قدم ولكم التعليق .و في ما يلي جرد بأسماء أبرزهم :
– فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الأصالة والمعاصرة
– سعيد الناصري، رئيس نادي الوداد الرياضي، الأصالة والمعاصرة
– إلياس العمري، رئيس شباب الريف الحسيمة، الأصالة والمعاصرة
– أحمد بريجة، رئيس الفريق النسوي لوفاء سيدي مومن، الأصالة والمعاصرة
– محمد بلماحي، رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات، حزب الاستقلال
– حمدي ولد الرشيد، رئيس النادي البلدي النسوي، حزب الاستقلال
– أشرف أبرون، رئيس المغرب التطواني، حزب الاستقلال
– السالك بولون، رئيس نهضة طانطان، حزب الاستقلال
– عبد العزيز أبا، رئيس منار بوجدور، حزب الاستقلال
– حسن الدرهم، رئيس شباب المسيرة، الاتحاد الاشتراكي
– المهدي مزواري، الكاتب العام لنادي الوداد الرياضي، الاتحاد الاشتراكي
– عبد الحميد أبرشان، رئيس اتحاد طنجة، الاتحاد الدستوري
– محمد جودار، رئيس عصبة الدار البيضاء لكرة القدم، الاتحاد الدستوري
– مولود أجف، رئيس فريق مولودية العيون، الحركة الشعبية
– حسن الفيلالي، رئيس اتحاد الخميسات، التجمع الوطني للأحرار.
ليس بهذا الشكل ستتطور لعبة كرة القدم. ولن تتطور حتى يبرح الرياضي إلى مكان فعله و السياسي معترك صراعاته.