الجريدة | عمر أحمو
“الأمهات العازبات”، كثير منا سيتساءل ما معنى الأمهات العازبات؟ أو بالأحرى هل يمكن أن تكون الأم عازبة؟ .. وماذا عن الأب؟ أين محله في هذه المعادلة؟ في الحقيقة، إن هذا التعبير ما هو إلا ترجمة للتسمية الإنجليزية “Single Mother” أو التسمية الفرنسية “Les Mères Célibataires”، من هنا إذن جاء هذا التعبير الغريب عن اللغة العربية وعن المجتمع العربي عموما.
إذن، هي ظاهرة غربية في تسميتها أخذناها من الغرب كما جرت العادة، نأخذ منهم كل ما هو قبيح ونترك لهم ما هو جميل.
الحقيقة المرة أن هذه الظاهرة بتسميتها الغريبة استفحلت في المجتمع المغربي بشكل يثير الرعب ويشكك في قدرة المجتمع على محاربة التفكك والخراب الذي هو سائر في طريقه، فكيف يعقل أن نطلق على من أنجبت طفلا خارج وضعية الزواج أما عازبة؟
إن اعترافنا بأمومة المرأة العازبة هو أول ما يبيح لها الإنجاب، ثقافة الغرب وأخلاق الغرب وعادات الغرب كلها لا تصلح للدفاع عن هذا الطرح، وأي شخص يستخدمها ليستبيح فعلا داخل المجتمع العربي فإنما يخدع نفسه، الأمر أشبه بمحاولة إقناع ملحد باستعمال آيات من القرآن، فكيف سيقتنع بها وهو في الأصل ينكر صحتها؟
إن اعترافنا بأمومة المرأة العازبة يخرج الرجل من دائرة الإثم، فلا مفعول من دون فاعل، فأين الأب في خريطة اعترافنا بالأمهات العازبات؟ المرأة هي أول من يتأثر بهذا اللفظ، لأنها بمجرد أن تقبله وتتقبله، فعليها أن تخرج إلى المجتمع للعمل من أجل إعالة ولدها وتتحمل النظرة الحاقدة، وتغض الطرف عن همسات السخرية والنظرات المستهزئة وما خفي أعظم، فأين الرجل من كل هذا؟
العدل في الحكم واجب، “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” [النساء: 58]. إثم الزنى تتقاسمه المرأة والرجل معا، ليس هناك أم عازبة وأب غائب، هناك زانية وزان بمفهوم الشرع الإسلامي، أو شخصان بالغان مارسا علاقة جنسية برضا (العلاقة الرضائية في نظر البعض) أو من دون رضا (اغتصاب في نظر القانون) نتج عنها حمل.
في المجتمع المغربي ظهرت من العدم جمعيات وفعاليات تطالب بتحسين وضعيات الأمهات العازبات وتنفيذ مشاريع تقام من أجل هذا الغرض، في الحقيقة لا أقول إنه علينا نفيهن أو ما شابه ذلك، بل الحقيقة التي تسعى وراءها هذه الكلمات هي لماذا على المرأة أن تتحمل هذا وحدها؟ وهل بالفعل توفير الظروف المعيشية لهذه الفئة هو الحل لهذه الظاهرة؟ أليس قطع جذور هذه الآفة هو الحل الأمثل؟ كل هذه الفعاليات والجمعيات إنما توفر الأرض الخصبة لظهور المزيد من الأمهات العازبات.
باختصار، من الضروري أن تكون هناك مقاربات مبتكرة للحد من هذه الظاهرة واستئصالها من خلال معالجة أسبابها التي يأتي على رأسها الفقر والجهل.