الجريدة – حاتم الطالبي
أن تكون مسؤولا فهذا يعني أن تكون مكلفاً بمهمة لخدمة المواطنين، أن تكون وزيرا فهذا يعني أن تكون موظفا عند الشعب، وفي نفس الوقت على قدرٍ عالٍ من المسؤولية التي أدَّيت عليها القسم أمام عاهل البلاد، قسم الإخلاص للوطن وللملك، قسم خدمة هذا الشعب والاستماع لمشاكله والعمل بكل قوة وتفانٍ لحلها.
أما العجرفة والتعالي والتنمر على المواطنين واستغلال المنصب للتكبر والإهانة فهذا شيء غير مقبول في حق رعايا صاحب الجلالة وأعزائُه، في حق الفئة التي قدمت تضحيات جسام في زمن “كورونا” ولا زالت، أولسنا شعب الملك العزيز؟
كانت هذه المقدمة لازمة ليعرف وزير الصحة خالد آيت الطالب أن تصرفاته يوم تدشين أكبر مركز طبي للقرب ببني مكادة بمدينة طنجة كان “مشينا” في حق الأطر الصحية المشتغلة بها، وهو يوجه أسئلة بلغة متعالية وفيها نوع من التنمر للأطر التمريضية في الوقت الذي من المفروض أن يوجهها لإدارييه ومسؤوليه ممن ولاهم مهام تدبير وتسيير هذه المؤسسة الاستشفائية التي أقل ما يمكن القول عنها أنها تفتقر لأدنى شروط التطبيب، وهو ما سنتطرق إليه من خلال حلقات نخصصها لهذا المستشفى، وللاختلالات التي شابته بدأ من مرحلة التأسيس وصولا الى مرحلة التدشين، ولكي يعرف المتتبع أن تصرفات الوزير المتعجرفة اتجاه الأطر التمريضية لم يكن لها من داعي ما دام المسؤول الأول هو الوزير نفسه وسياساته التي يطبعها العبث والإرتجال، ولعل أول مظاهر هذا العبث هو تدشين مؤسسة استشفائية مر على تجهيزها أكثر من ثلاث سنوات، وهي مدة كافية كي تصبح التجهيزات والمعدات متهالكة وغير صالحة للاستعمال. قد يقول قائل أن جائحة “كورونا” والنقص الحاد في الموارد البشرية حال دون افتتاح المستشفى في موعدها المحدد، وهو مبرر كافي يمنع الوزير من التصرف بتلك الطريقة المرفوضة اتجاه عاملين لا علاقة لهم بكل هذا، وذنبهم الوحيد أنه لم يتم المناداة عليهم للالتحاق بالمؤسسة إلا أيام قليلة على موعد التدشين ودون اعطائهم أدنى فرصة للتعامل مع التجهيزات الناقصة وغير صالحة للاستعمال، فمن المسؤول الممرضة أم مدير المركز أم المقتصد الذي تسلم هذه المعدات؟ وهو السؤال الذي سنجيب عليه في الحلقات القادمة، وأيضا متى كان للممرض علاقة بالتجهيزات والأمور التقنية المتعلقة بها حتى يسئله الوزير عنها؟ أم هو استعراض للعضلات أمام أضعف حلقة في المنضومة الصحية.
كان على الوزير أن يوجه سهام انتقاداته ليس للأطر الصحية العاملة بالمركز، بل لادارييه وكيف خولت لهم مناصبهم العبث بالمال العام عندما تركوا الأجهزة والمعدات تتقادم وتتهالك دون أن تستفيد منها مؤسسة أخرى، وهو سلوك يستوجب على الوزير أن يبعث لجنة خاصة للبحث والتقصي ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء اختفاء تجهيزات وتهالك أخرى وعدم صلاحيتها بسبب نقص جزء من أجزائها، لأنه مرفوض تماما أن يشتغل مستشفى من الجيل الجديد بمعدات ترقيعية “Système D”؟ ان ما وقع يوم التدشين بالمركز الطبي للقرب بني مكادة ليس له سوى مبرر واحد وهو أن الوزير يريد أن يداري على خيباته من خلال محاولته المفضوحة للتهرب من مسؤولية ما آل إليه القطاع الصحي العمومي بطنجة من فضاعة وقتامة، وخير دليل الحالة المزرية التي أصبح عليها المستشفى الجهوي محمد الخامس الذي يفتقر الى أدنى شروط العلاج والتطبيب التي تحفظ للمواطن كرامته، فكيف لم يكلف سعادة الوزير نفسه للقيام بزيارة تفقدية لهذا المرفق “الفضيحة” ليقف على هول ما يحدث هناك، بعدما حل بمدينة طنجة في مناسبتين اثنتين؟
انتظرونا في الحلقة الثانية، يتبع..