تفجرت يوم الإثنين الماضي بمدينة طنجة قضية كبرى تتعلق بالإتجار الدولي في المخدرات والمؤثرات العقلية، بعدما تمكنت مصالح الدرك الملكي بمنطقة أحد الغربية من إحباط عملية تهريب ما يناهز 12 طن من الحشيش كانت محملة على متن شاحنة من الحجم الكبير، وإعتقال شخصين أحدهما سائق الشاحنة المذكورة والآخر كان على متن سيارة خفيفة مرافقة لنفس الشاحنة.
أشارت المعطيات المتداولة عبر جل المنابر الإعلامية إلى أن عناصر الدرك الملكي لم تجد أدنى صعوبة في التوصل الى هوية صاحب الشحنة المزعوم وكذا أماكن إقامته وذلك في ظرف قياسي لم نعهده في مثل هذه القضايا التي يقتصر فيها الإقتصاص من السائق الذي يتحمل المسؤولية طبقا لما تقتضيه أعراف هذه المهنة، مما يوحي للمتتبع بأن الأمر دبِّر بليل ونُفذ في واضحة النهار عبر سيناريو رديئ تطبيقا للمثل الشائع “صاحبك فالحرفة عدوك” وإخراج لا يجب أن ينطلي على الجهات المعنية بالتحقيق في الملف ومحاسبة كافة المتورطين الذين اتخذوا من مؤسسات الدولة أداة لتصفية الحسابات بين بارونات التهريب الدولي للمخدرات.
و جدير بالذكر ان عمليات من هذا النوع يتم فيها البحث عن شخص ذو”بروفايل” خاص بهذه المهمة يضم شروط معينة من ضمنها حاجته الماسة للمال وأن يكون من ذوي السوابق في قضايا المخدرات، ويتميز بالقدرة على تحمّل الاستنطاق، وذاكرة قوية لاستيعاب المعطيات وتخزين المعلومات.
وكما أشرنا سابقا فإن الزمن القياسي الذي من خلاله توصلت مصالح الدرك الملكي إلى أسماء وإقامات المتورطين كفيل بإدراج العملية في خانة تصفية الحسابات وإزاحة المنافسين من الساحة، والدليل على هذا هوية السائق المدعو (حدّي) المشهور بمثل هذه الإبتزازات وهذا أمر لا يخفى على مصالح الشرطة بكل من مدن طنجة والرباط وفاس، حتى أصبح وجهه مألوفا لدى الشرطة وهذا ما يفسر إختيار السائق لمنطقة تابعة لنفوذ الدرك الملكي من أجل تمثيل المسرحية، هذا من ناحية.
من ناحية اخرى وتنويرا للرأي العام المحلي والوطني عامة والجهات المكلفة بالتحقيق وتقصي الحقائق خاصة، فإن المدعو (حدّي) لا يتوفر على رخصة تخول له سياقة سيارة فما بالك بشاحنة للنقل الدولي للبضائع، ومما يؤكد الشكوك أيضا الحالة التي تم عليها ضبط السائق، والتي تفيد بأن هذا الأخير عمد إلى لفت إنتباه رجال الدرك عبر محاولة تغيير لوحات ترقيم الشاحنة، الأمر الذي استدعى التدخل بإلقاء القبض عليه ومصادرة الحمولة.
وأخيرا فإن الغاية مما سبق ذكره ليس تبرئة المتورطين، وإنما مطالبة الجهات المختصة وعلى رأسهم النيابة العامة من خلال قاضي التحقيق المشرف على القضية، (المطالبة) بتعميق البحث أكثر والضرب على أيدي كافة المتورطين سواء السائق الذي تم تسخيره للإستهزاء بهيئات قضائية وأمنية على حد سواء، وكذا الخصوم المتحاربين الذين أهانوا وانتهكوا حرمة مؤسسات الدولة وهيبتها، وحسبوا أنه بإمكانهم تسخيرها في سبيل تصفية حساباتهم الذنيئة والمنحطة.
للإشارة فقد حلت بمدينة طنجة منذ يوم أمس الفرقة الوطنية للدرك الملكي لإستكمال البحث الذي باشرته عناصر سرية أصيلة بهدف فك خيوط هذا الملف الذي يلفه الغموض منذ الوهلة الأولى…يتبع