قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، في استجواب مع مجلة “جون أفريك” أن رئيسة المفوضية الإفريقية المنتهية ولايتها دلاميني زوما قامت بعمل مهم، ويفهم من تصريحه أنها قامت بتقديم خدمات للجزائر بتنسيق مع خلفه على رأس مجلس السلم والأمن، الجزائري أيضا إسماعيل الشركي، ضد المغرب، حيث جعلت منظمة الاتحاد الإفريقي سلاحا في يد الجزائر لمحاربة المغرب والطعن في وحدته الترابية في مختلف المحافل، بما فيها الأمم المتحدة، واختزلت كل أولوياتها في أولوية محاربة حقوق المغرب وفي خدمة الأجندة الجزائرية وبشكل استفز العديد من الدول الإفريقية التي رأت في سلوك زوما انحرافا لايمكن تفسيره فقط بموقف دولة جنوب إفريقيا من النزاع المغربي الجزائري وإنما بتحول زوما إلى موظفة جزائرية بكل ما يعنيه ذلك وما يترتب عليه.
هذا الاستفزاز جعل ردود فعل عدد من الدول الإفريقية تحتج بطرق غير مباشرة في الغالب على مسعى الجزائر إلى تأميم الاتحاد الإفريقي وجعله ملحقة للخارجية الجزائرية في احتقار بين للمنظمة القارية نفسها وللدول الأعضاء، وترى أن الوقت الذي أمضته زوما على رأس المفوضية الإفريقية وقتا ضائعا يجب تداركه بوضع مخطط للتطوير يستبعد منطق الهيمنة والشراء بالمال ويؤكد المساواة بين كل الدول، وهو المخطط الذي أسند أمر إعداده للجنة خبراء تحت إشراف الرئيس الرواندي كاكامي والذي ينظر فيه الرؤساء الأفارقة في خلوتهم اليوم قبل افتتاح القمة الإفريقية غدا.
وقد كان من نتائج رد الفعل الرافض لهيمنة الجزائر على الاتحاد الإفريقي أن تراجع وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة عن ترشيح نفسه لخلافة زوما في رئاسة مفوضية خوفا من عدم الحصول على الأغلبية المطلقة (36 عضوا)، بعدما قام باستطلاع آراء الدول أو أخبرها بعزمه الترشح، وكذلك ظهور تناقض جزائري نيجري حاد، حيث باتت نيجيريا، صاحبة أعلى ناتج داخلي خام في إفريقيا وأكبر كثافة سكانية كذلك، تنظر إلى المنطق الجزائري الهيمني بامتعاض، وهو ما جعلها ترشح منافسا للجزائري إسماعيل الشركي لتولي رئاسة مجلس السلم والأمن الإفريقي وتخوض حملة قوية لانتزاعه منه، بدعم من مجموعة دول غرب إفريقيا (سيداو).
والبين أن نيجريا اليوم تريد أن تنهي استخدام الجزائر، ومعها حليفها زوما الغارق في الفضائح، للاتحاد الإفريقي بمنطق الاستقواء المترتب عن استعمال الدولار، وترغب في أن تخلق توازنا داخل المنظمة القارية يجعلها تبرز كقوة قارية وكفاعل في اتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تتطلبها القارة ومنظمتها لرفع التحديات، مع العلم أن الجزائر توجد اليوم في وضعية سياسية واقتصادية مختلفة عن تلك التي كانت عليها في السنوات التالية لتأسيس الاتحاد الإفريقي بديلا لمنظمة الوحدة الإفريقية لا تسمح لها بأن تحافظ على نفس قدرات الضغط والابتزاز التي لم تتردد في استعمالها بعجرفة و بلا تريث.
ويمكن لنيجريا، إن شاءت، بالتحالف مع عدد مهم من الدول الإفريقية أن تساهم في تغيير كبير لميزان القوى داخل الاتحاد الإفريقي وجعل هذه المنظمة تلعب الدور الذي أحدثت من أجله بشكل فعال، وبالأساس استتباب السلم والأمن والتنمية والسير على طريق نشوء نظام ديمقراطي في إفريقيا بشكل شامل والدفاع عن مصالح القارة ومكانتها في الساحة العالمية.