متابعة – حاتم الطالبي
“عيطلي وأنا نعاود ليك.. ما خفي أعظم” هذه آخر عبارات قالتها سيدة لوزير الصحة خالد آيت الطالب وهي تسلمه ظرفا بينما كان يهم بمغادرة المركز الصحي للقرب ببني مكادة بطنجة الذي حل به صباح يوم الأربعاء للوقوف على عديد من الملاحظات التي أبداها يوم الافتتاح الرسمي لهذا المرفق قبل أسبوعين قبل أن تختم كلامها للوزير قائلة: “ياك مايدونيش للحبس”.
طلب الوزير إفساح الطريق لهذه السيدة، من أجل الاستماع إليها، وسؤالها ما إن كان الظرف الذي سلمته له يحتوي على رقم هاتفها، له أكثر من دلالة، فالوزير أدرك أخيرا أن قوة المسؤول ليس في العجرفة والتعالي وإعطاء الأوامر، بل في قوة الانصات والاصغاء، والوقوف الى جانب الحق، لأنه مهما كانت المعلومة بسيطة فهي عند المسؤول لها أكثر من معنى، من يدري قد توصل الى ما هو أهم. ولعل هذه الواقعة تكون بداية الاعلان عن رحيل رؤوس الفساد من دكة تدبير قطاع الصحة بطنجة، والفرصة للوقوف على العبث الذي يتخبط فيه الواقع الصحي بالمدينة، خصوصا إذا توفرت الدلائل والحجج.
صحيح أن موقف أيت طالب هذه المرة كان إيجابيا ويحمل عدة رسائل أولها أنه ما من شيء يقف ضد إرادة التغيير ومحاربة الفساد والمفسدين، فقط تلزم الشجاعة والجرأة، وثانيها أن الوزير أرسل إشارة على أنه رجل يعي جيدا معنى الانصات، وبالتالي لن يثنيه البرتوكول عن سماع شكاية هذا أو تضلم ذاك وتفويت فرصة تصحيح ما يمكن تصحيحه.
فقد علم موقع “الجريدة” أن السيدة التي تحدثت الى وزير الصحة الذي كان مرفوقا بوالي جهة طنجة تطوان الحسيمة محمد امهيدية كانت تشتغل بمصلحة الحسابات “صندوق الأداء” بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة لأكثر من عشر سنوات قبل أن يتم نقلها الى قسم الأطفال في إطار مؤامرة دبرها “مقتصد” المستشفى ليعوضها بتقنية سيارة الاسعاف، لنتسائل متى كان تقنيو الصحة يشغلون مناصب الحسابات؟ أم هو عُرف اتخذه المسؤول المعني لتمكين مقربين منه من المصالح والمناصب الحساسة بالمستشفى، والفاهم يفهم..
“ما خفي أعظم” جملة تحمل في طياتها معاني وأسرار عديدة وهو أن الموظفة قد تكون على علم بالعبث الذي يقع بهذا المرفق الصحي وعلى دراية بكل ما يجري ويدور من أسرار خطيرة أو ملفات حارقة قادرة على جر مسؤولين مهمين الى المسائلة، هذا وقد علم موقع “الجريدة” من مصدر عليم أن الكتابة الخاصة لوزير الصحة اتصلت بالسيدة هاتفيا للاستفسار على العديد من القضايا لعل الأيام القادمة كفيلة للكشف على مجموعة من المعطيات الخطيرة ومن المرجح أن تعمل وزارة الصحة على إفاد لجنة خاصة لتقصي الحقائق من أجل الوقوف على ما يقع من خروقات بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة.