اكتسح حزب الاستقلال نتائج اقتراع إعادة انتخاب ثلث أعضاء المجلس جماعة بوفكران بإقليم مكناس التي جرت اليوم 9 يناير الجاري، بحصوله على 9 مقاعد من أصل 11 في حين أل المقعدين المتبقيين لكل من اليسار الموحد وحزب النهضة، بالمقابل خرج حزبا التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة المنافسين الشرسين بخفي حني بعدما استنفرا جميع هياكلهما الموازية للمشاركة في الحملة الإنتخابية.
يشار إلى أن 11 عضوا بجماعة بوفكران، التي كان يسيرها رشيد فرح، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، قدموا استقالتهم احتجاجا على ما اعتبروه “انفراده في تسيير أمور الجماعة، وتماطله في تنفيذ مشاريع تنموية ورفضه لمقترحات المعارضة”، الأمر الذي أدى بالسلطات الإقليمية إلى تعيين لجنة خاصة حلت محل المجلس، إلى حين إجراء انتخابات جزئية لملء المناصب الشاغرة في أجل أقصاه 3 أشهر طبقا للقانون رقم 113.14 الخاص بتنظيم الجماعات الترابية، كما تولت سلطات عمالة مكناس تسيير وتدبير شؤون الجماعة إلى حين تنظيم انتخاب أعضاء جدد يحلون محل الأعضاء المستقلين.
في قراءة مجالية للنتائج، تتسرخ المفارقة أكثر وبشكل صارخ، فحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقدم نفسه على انه حزب حامل لمشروع حداثي وديمقراطي، منيّ بهزيمة قاسية للغاية، وهي مفارقة تستعصي على المنطق والإدراك، مع التشديد أن الانتخابات في العالم القروي تجرى بالاقتراع الفردي الاسمي عكس انتخابات المدن التي يتم فيها الاعتماد على نظام الاقتراع اللائحي، ليتضح بالملموس القاط،ع محدودية تأثير خطابه ونخبه، بالمقابل يحق لحزب الاستقلال أن ينتشي بفوزه، فوز له طعم خاص في الحسابات السياسية الدقيقة، ودون مجازفة وبمنتهى الموضوعية يمكن القول أن المستفيد الأول والأخير من هذه الانتخابات هو حزب “الميزان” لا غير.
لكن الصدمة والحقيقة المذهلة أن لا احد من أكثر المتفائلين وحتى أكثر المتشائمين والمحللين والمهتميين، كان يعتقد ببلوغ حزب الاستقلال هذا الرقم المدهش من المقاعد وفي دوائر انتخابية جد معقدة. فكيف حصد هذا حزب هذه النتائج، وما هي الوصفة السحرية والخطاطة ” الجهمنية” التي اتكأ عليها مسؤولي حزب نزار بركة محليا لتحقيق كل هذا الاكتساح الذي إربك جل المعادلات السياسية في هذه الجماعة، وأعطى الانطباع بأن الاستقلاليون قادمون لا محال وبقوة.
اذا تم التسليم بانتصار حزب الاستقلال اليوم بوفكران، فإن اكتساحه كان مستبعدا جدا، وهو ما يفيد أن الأصوات التي حصدها خلال هذه الانتخابات جزء مهم منها “أصوات عقابية” جادت بها قواعد حزب “الحمامة” و “البام” والمتعاطفين معهما، ثم هناك أصوات أكثر “الصوت الانتقامي” ضدا في حزب العدالة والتنمية ورئيسه المقال.
عموما، يمكن التأكيد على أن المستفيد الأكبر من حيث المعطى السياسي الخالص في هذه الانتخابات هو حزب الاستقلال، الذي تصدر المشهد السياسي بجماعة بوفكران وهزم خصومه شر هزيمة، مستفيدا من تراكم أخطاءهم .
ومن المؤكد أن كل الأحزاب أغلبية ومعارضة لا تتردد في فضح بعضها البعض وتوزيع التهم بإغراق العلمية الانتخابية بأموال طائلة و “مجنونة”، لكن الصدمة كانت أثناء فرز النتائج، حيث ظهر جليا، أن جل المستفيدين من المال الانتخابي صوتوا عكس المطلوب منهم، وهنا يجب الإقرار أن سكان منطقة بوفكران بالتأكيد باقي المناطق أصبحت أكثر وعيا بل تجاوزت نخبها السياسية والإعلامية، وهذه رسالة واضحة وهادئة للقيمين على الشأن السياسي المحلي لإعادة التفكير جذريا في طريقة التفكير والاشتغال في المستقبل.